الجنة لكل نوره يسعى بين أيديهم وأيديهن بلا تمييز (الحديد ١٢) ؛ وفى الدعاء لم يفرق نوح بين المؤمنين والمؤمنات ، وأوصى الله تعالى المؤمنين بغض البصر وحفظ الفرج كما أوصى المؤمنات (النور ٣٠ و ٣١) ، وغضّ البصر ليس انشغالا بالمسألة الجنسية كما يزعم العلمانيون وصبية العولمة الأمريكية ، ولكنه بتعبير الله تعالى «أزكى لهم» (البقرة ٢٣٢) ، أى أطهر لنفوسهم ، وأنقى لقلوبهم ، وأصفى لعقولهم ، ولعمرى إنه لأقوى ما عرفت من تعبيرات العلم فى مجال الطب النفسى وعلم النفس وعلم الاجتماع معا ، فالنظر وسيلة الشهوة كما بيّن فرويد والآخرون ، وأطلق الله تعالى على النظر بشهوة هذا التعبير الرائع «خائنة الأعين» (غافر ١٩) ، والنظر يكون به الإدراك ، والإدراك يولّد النزوع ، ومن ثم يقع الفعل ، فإذا هدفنا إلى الوقاية فينبغى أن نلتزمها منذ البداية قبل أن يقع الإدراك ، وذلك هو غض البصر ، يفعله الرجال كالنساء سواء بسواء. وهذا الكلام فى المساواة كلّه علم متقدّم وليس فيه من الأوامر غير المبررة شىء ، حتى استحق القرآن أن يكون كتابا فى العلوم بسائر فروعها ، كما هو كتاب فى الآداب ، وكتاب فى الحقوق والواجبات ، وفى المساواة والعدل بين النساء والرجال ، ولعن الله العلمانية ودعواتها الفجّة ، وشعاراتها السمجة!
* * *
١٦٢١ ـ ما مدى صحة الحديث : إن المرأة خلقت من ضلع أعوج؟
فى الحديث عن أبى هريرة أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع ، وإنّ أعوج شىء فى الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا». ومن أقوال ابن عباس : «أن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم» ، ومفاد حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن المرأة بطبيعتها عوجاء لأنها خلقت فى الأصل من شىء أعوج ، وقوله : «أعوج شىء فى الضلع أعلاه» فيه أن أعلى المرأة وهو رأسها ليس على سواء ، لأن فيه لسانها الذى يحصل منه الأذى. وفى قوله : «وإن ذهبت تقيمه كسرته» ، وفى رواية أخرى عند مسلم : «وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها». وفى رواية : «إن المرأة خلقت من ضلع أعوج ، وإنك إن ترد إقامة الضلع تكسره ، فدارها تعش بها». وفى رواية لأحمد : «المرأة كالضلع ، إن أقمتها كسرتها ، وهى يستمتع بها على عوج» ، وهذا التشبيه هو الأصح ، فهى لم تخلق من ضلع أعوج وإنما فيها ضعف أو عوج ، كأنما هى كالضلع الأعوج. ومدار كل ذلك الدعوة إلى التقويم برفق ، لا إفراط فيه ولا تفريط ، وأن لا تترك المرأة على اعوجاجها إذا تعدّت طبعها كأنثى ، إلى استخدام الأنوثة فى تعاطى المعاصى ، بمباشرتها ، أو بترك الواجب ، وإنما المراد أن تترك المرأة على اعوجاجها فى الأمور