ونفسها» والمقصود بالمرأة الزوجة وليس أية امرأة ، وفى الحديث عن أنس قال : «حبّب إلىّ من الدنيا النساء والطيب ، وجعلت قرة عينى فى الصلاة» رواه النسائى ، ومعنى النساء أن المسلم لا يترهّب ، فذلك هو المحبوب عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
* * *
١٦٠٤ ـ هل فى طاعة النساء ندامة كما يقول الحديث؟
الحديث المشهور عند ابن عدى والعقيلى وابن لال والديلمى وابن عساكر عن عائشة مرفوعا ، عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «طاعة النساء ندامة» ذهب كالأمثال ، ومع ذلك فهو لا يعتدّ به ، وقال عنه السيوطى إنه حديث باطل ولا أصل له ، وقال الألبانى : الحديث موضوع ، وأخرج العسكرى فى الأمثال عن عمر الحديث الآخر المشابه : «خالفوا النساء فإن فى خلافهن البركة» ، ومثله أيضا حديث أنس : «لا يفعلنّ أحدكم أمرا حتى يستشير ، فإن لم يجد من يستشير فليستشر امرأة ، ثم ليخالفها فإن فى خلافها البركة» ، وفيه ضعف وانقطاع فى سنده ، وفى معناه هذا الحديث : «شاوروهن وخالفوهن» ، وموضوع هذه الأحاديث جميعا الحطّ من شأن المرأة وليس هذا هو شأنها فى الإسلام ، ولنا فى سيرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم دليل على بطلان هذه الأحاديث ، فقد استشار النبىّ زوجته أم سلمة يوم الحديبية ، وعمل بمشورتها المباركة ، وبرأيها السديد ولم يخالفها. والمرأة كالرجل قد تكون على هدى ، وعلى ضلال ، واستشارة الناصح الأمين ـ سواء كان رجلا أو امرأة ـ أوجب وألزم وأنصح. وكانت ملكة سبأ كما ورد الخبر عنها فى القرآن غاية فى الحكمة ، وكذلك كانت مريم واقتدى بها زكريا. وقد أوصى الله خيرا بالنساء ، فلا نمسكهن إلا بالمعروف (البقرة ٢٣١) ، ولا نعضلهن (البقرة ٢٣٢) ، ووصفهن بعشر صفات هى نفسها أرقى صفات الرجال (الأحزاب ٣٥) فكيف تكون فى مشاورتهن أو طاعتهن ندامة؟ والصحيح فى الحديث أن طاعة شرار النساء ندامة ، وذكر صاحب «تحفة العروس» عن الحسن البصرى أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «ما أطاع رجل امرأة فيما تهواه إلّا كبّه الله فى النار» ، والحديث محمول على طاعة المرأة فيما تهوى من السيئات لا فيما تهوى من المباحات ، والسيئات تجرّ إلى المنكرات. ومن نوع ذلك هذا الحديث الآخر برواية أحمد بطريق القاسم بن محمد ، يخبر عن عائشة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا خير فى جماعة النساء إلّا فى مسجد أو فى جنازة قتيل» ، وفيه ضعف ، وقيل هو موضوع ، وربما الكلام فيه عن نوع معين من النساء وليس عن النساء على إطلاقهن. وفى الاجتماع ـ كما يقول علماء النفس ـ يميل السلوك العام إلى أن يكون هو سلوك أدنى الناس فى الجماعة ، والسلوك السيئ معد ، والسلوك من