والأجر العظيم والمغفرة تلحق الاثنين ولا اختلاف ، ولم تفرق الآية بين الذكر والأنثى إلا بحسب الوسع ، وبذلك تبطل دعوى المكذّبين بأن القرآن للذكور فقط دون الإناث.
* * *
١٦٠٢ ـ غيرة المسلم والمسلمة
الغيرة أمر صحىّ مستحسن فى الإسلام. والغيرة الفطرية الصحية هى الحمية والأنفة ، وقد تفرط فتصبح غيرة مرضية فيتعرض صاحبها أو صاحبتها للمشاكل ، ويستحق بها اللوم ، وعن جابر عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «إن من الغيرة ما يحب الله ، ومنها ما يبغض الله ، فأما الغيرة التى يحب الله فالغيرة فى الريبة ، وأما الغيرة التى يبغض الله فالغيرة فى غير ريبة». والأولى هى الغيرة لحق ، والثانية هى الغيرة لغير الحق. وكان سعد بن عبادة شديد الغيرة على نسائه حتى ليمكن أن تؤدى به ، وأبدى عجبه من آية الاستشهاد بأربعة على الزانى والزانية ، فقال للرسول صلىاللهعليهوسلم : أهكذا أنزلت؟ فلو وجدت «لكاعا» متفخّذها رجل ، لم يكن لى أن أحركه ولا أهيّجه حتى آتى بأربعة شهداء!؟ فو الله لا آتى بأربعة شهداء حتى يقضى حاجته! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا معشر الأنصار! ألا تسمعون ما يقول سيدكم»؟ قالوا : يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور! والله ما تزوج امرأة قط إلا عذراء! ولا طلّق امرأة فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته»! ولكاع هو اسم زوجة سعد. وفى رواية أخرى عن المغيرة : أن سعد بن عبادة قال : لو رأيت رجلا مع امرأتى لضربته بالسيف غير مصفح عنه. فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «تعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه! والله أغير منى»! وعن ابن مسعود أنه قال : «ما من أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرّم الفواحش» ، وعن عائشة أنها قالت : «يا أمّة محمد! ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزنى»! ، وعن أبى هريرة أنه قال : «إن الله يغار ، وغيرة الله أن يأتى المؤمن ما حرّم الله». وغيرة سعد على امرأته هى الغيرة الحسنة ، وظواهرها إبداء الأنفة. وغيرة النبىّ صلىاللهعليهوسلم من أن تؤتى محارمه ، وكان صلىاللهعليهوسلم من أشد الناس غيرة لله ولدينه. واشتهر بالغيرة الجنسية الزبير بن العوام ، وكانت زوجته أسماء بنت أبى بكر تشكو من شدّة غيرته ، واشتهر بها كذلك عمر بن الخطاب ، وعن أبى هريرة أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم حكى فقال : «بينما أنا نائم رأيتنى فى الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا؟ قالوا : هذا لعمر. فذكرت غيرته فولّيت مدبرا» ، فبكى عمر ثم قال : أو عليك يا رسول الله أغار؟!!
وفى حديث سعد بن عبادة كان يمكن أن يلجأ سعد إلى قتل من تزنى معه امرأته ، والإسلام منع ذلك وشرّع الطلاق. ولم يفهم سعد وقتها حكمة التشريع فنطق بما قال ،