وما أرى النساء يذكرن بشيء! ـ يعنى كان فضل السبق لأم عمارة وليس للجمعيات النسائية التى تحفل بها مصر اليوم ، ولا لملاحظات الموتورين والمتخرّصين من العلمانيين ودعاة التبشير ، ويقول الترمذى : فلما قالت أم عمارة مقالتها نزلت الآية : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٣٥) (الأحزاب) ، فألغت ذلك فورا ، ونبّهت إلى أن الله تعالى لم يقصد أن يفرّق بين الجنسين ، ولا عهد بشيء للذكور لم يعهد بمثله للإناث. ونفس الملحوظة ذكرتها أم سلمة زوجة النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وقالت برواية النسائى : يا نبىّ الله! ما لى أسمع الرجال يذكرون فى القرآن ، والنساء لا يذكرن؟ فأنزل الله «إن المسلمين والمسلمات» الآية. وعن ابن عباس قال : قال النساء : ما له يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات؟ (يقصد القرآن) فأنزل الله «إن المسلمين والمسلمات» الآية.
وهذه الآية وغيرها تساوى بين الرجال والنساء فى كل شىء ، مع وضع الجنس فى الاعتبار ، كأن تختلف التكاليف كمّا ووسعا باختلاف أعمار الناس وجنسهم ، فالصبى بخلاف الشيخ ، وكذلك المرأة متباينة عن الرجل ، ولكنهم جميعا على التساوى فى الحقوق والواجبات ، فلا عسف ولا جور ولا تبذّل ولا امتهان ، ومن الإنصاف أن يكون لكل وسعه واستطاعته. وفى الآية فإن الجميع ، إناثا وذكورا ، منهم المسلم والمسلمة ، والمؤمن والمؤمنة ، والايمان أخص من الاسلام ، ولذا لزمت التفرقة بين المسلم والمسلمة ، والمؤمن والمؤمنة ، والقنوت فى قوله : (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) (٣٥) (الأحزاب) هو الطاعة تأتى بعد الإيمان ، وعندئذ يؤتى الصدق طواعية وعن رضى ؛ والصدق علامة الإيمان كما أن الكذب أمارة النفاق ؛ والصبر وقوف مع البلاء بحسن الأدب ، والغناء فى البلوى بلا ظهور شكوى ، ويكون عند المؤمن والمؤمنة على السواء ؛ والخشوع مقام أهل الوقار والتواضع ومراقبة الله ؛ والصوم زكاة البدن ، وهو أغض للبصر وأحصن للفرج ، ولذا جاء بعد ذلك مباشرة : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) أى عن المحارم والمآثم ، ومحك ذلك كله ذكر الله فى قوله تعالى : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) ، والذكر تختم به الآية ، وفى الحديث عند أحمد : أن الذكر جهاد ، والذكر أكثر أجرا لصاحبه من الصلاة والزكاة والحج والصدقة ، حتى إن أبا بكر قال لعمر تعليقا : ذهب الذاكرون بكل خير! فأمّن على ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحسّن الذكر فى الختام. وكل ذلك للنساء والرجال على حد سواء ،