للذكور ، يقول : «يا أيها الذين آمنوا» ، و «يا أيها الناس» ، و «يا أيها الملأ» ، و «يا أيها العزيز» ، و «يا أيها المرسلون» ، و «يا أيها الضالون» ، و «يا أيها الذين هادوا» ... إلخ ، وليس العيب فى القرآن ، أو فى الخطاب القرآنى ، وإنما كان هذا ما تمليه التكوينات الاجتماعية فى ذلك الزمن وحتى الآن ، فالمجتمعات القديمة ذكورية يقوم عليها الذكور ، وفى الخطاب الحالى للمجتمعات المعاصرة فى أكثر الدول تحضرا فإن التوجه يكون للذكور ، والحديث فيها للمواطنين بعامة ولقائل أن يقول : إن citizen مثلا فى لغة غير العربية تعنى المواطن والمواطنة على السواء ، ولا تخصّ الذكور دون الإناث ، وكذلك الضمائر مثل they ، يعنى «هم وهن أيضا» ، وyou ، وتعنى أنت وأنت ، وأنتم ، وأنتن» ، وI ، وتعنى «أنا» للمذكر والمؤنث على السواء ، وليس الأمر كذلك فى العربية ، فهناك تمييز بين المؤنث والمذكر سواء فى الضمائر أو فى ملحقاتها ، ومع ذلك التباين بين العربية وغيرها ، فالعربية أكثر واقعية وأصدق حالا ، فإنه لا بد فى أية لغة أن تبين هذه الفروق ، وإلا فهو قصور فى اللغة لا ينبئ عن حقيقة الأمر ويضلل السامع أو القارئ. وفى خطاب لكلينتون إلى الشعب الأمريكى سنة ٢٠٠٠ ترد مثلا العبارة الآتية : his committance ، أى التزامه ـ يعنى التزام المواطن ، فلم يذكر النساء وإن فهم أن النص يخاطب المواطن من الذكور والإناث معا ، والحال إذن واحد! وفى التوراة يتوجه الخطاب باستمرار للذكور مع أنه يتوجه ضمنا للإناث ، تماما كالعربية ، كقوله : «وإن ضربه بحجر فهو قاتل» murderer If he smites him he is a ، (سفر العدد ١٧) ، أو قوله : الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده honours his father, and a servant his master A son (ملاخى ١ / ٦) ، والله أو يهوه مذكر دائما. وفى الإنجيل يأتى : «هو أبوك الذى فى السماءis in heavens Your Father which» ، فجعل الله مذكرا ، والخطاب فى العبارة لمذكر. وإذن فكل اللغات سواء فى قائمة الكلام للذكور وإن كان ذلك يشمل الإناث ، وكانت كتابات الحكماء الأصول : بلوتارك ، وزينون ، وصولون ، وهوميروس ، وأبو قراط ، وديموقريطس ، وبطليموس ؛ والحكماء السبعة : طاليس ، وأنكساجوراس ، وأنكسيمانس ، وأنباذوقليس ، وفيثاغورس ، وسقراط ، وأفلاطون ، كلها تخاطب الذكور وليس الإناث وإن قصدوا بها الإناث أيضا ، وكذلك كانت مؤلفات كونفوشيوس ، ومينشيوس ، وأسفار البادجادفيتا ، والدامايادا ، وأيوب ، والأمثال ، والمزامير. فلما ذا إذن التحامل على القرآن واتهامه بما لم يتّهم به أىّ من هذه الكتب؟! ومع ذلك فالقرآن سبق إلى التنبيه إلى هذه الملحوظة من قبل أن يذكرها أىّ من المستشرقين ، ويروى الترمذى عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبىّ صلىاللهعليهوسلم فقالت : ما أرى كل شىء إلا للرجال ،