ديمقراطى ، والناس أكثر تسامحا ، وأهدأ طبعا ، والبطالة منعدمة ، والرزق
وفير ، والشرف والعرض مصونان ، وهكذا. والهجرة تساعد على الخروج على الحاكم الظالم
، وإعلان الثورة على نظامه. وروى ابن عباس : أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال للمؤمنين بمكة حين أذاهم المشركون : «اخرجوا إلى
المدينة وهاجروا ولا تجاوروا الظلمة».
* * *
١٥٩٤ ـ الذمة وأهل
الذمة
الذمّة فى
الآية : (لا يَرْقُبُوا
فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) (التوبة ٨) هى العهد ، وكل حرمة يلزمك إذا ضيّعتها ذنب. وفى الحديث : «ويسعى
بذمتهم أدناهم» أن الذمة الأمان ، والجمع ذمم. والذمّيون أو أهل الذمة مصطلح فقهى
قديم عفا عليه الزمن ، وليس من المصطلحات القرآنية ولا النبوية ، وهم المواطنون من
غير المسلمين ، ولا يعنى ذلك أن المواطنة فى الدولة الإسلامية تمايز بين المسلمين
وغير المسلمين ، أو أن الذميين مواطنون من الدرجة الثانية ، فالدولة الإسلامية
تضمن لمواطنيها من غير المسلمين حرية الاعتقاد ، وممارسة طقوسهم الدينية ،
والاحتفال بمناسباتهم الاجتماعية ، وتفسح لهم المجال لتكون لهم ثقافتهم الخاصة من
داخل إطار الثقافة العامة للدولة. ويدفع أهل الذمة الضرائب ، شأنهم فى ذلك شأن
المسلمين ، وكانوا فى الماضى يدفعون الجزية ، من جزى تجزى جزاء ، مقابل زكاة المال
التى كان يدفعها المسلمون ، والجزية أقل من زكاة المال (انظر الجزية). ولغير
المسلمين كافة الحقوق ، وعليهم كافة الواجبات كالمسلمين ، ويرجع فى تنفيذها إلى
قواعد القانون التى تكفل لهم المساواة ، وهم لا يحرمون من الجنسية ولا المواطنة ،
ولهم الاختيار بين القضاء الإسلامى أو محاكمهم الطائفية ، ويؤدون الخدمة العسكرية
، ويلحقون بالجامعات المدنية والعسكرية. ولا ينبغى أن نخلط بين أهل الذمة وأهل
الكتاب : فالاصطلاح الأول فقهى سياسى ، والاصطلاح الثانى دينى ، وأهل الكتاب هم
اليهود والنصارى ، من المواطنين ، أو الأجانب. وكذلك لا ينبغى الخلط بين أهل الذمة
والمستأمنين : وهم الأجانب من غير أهل البلاد. وليس عقد الذمة من العقود التى يمكن
لأحد الطرفين أن ينكر أيا من بنودها تحت أى دعوى كانت ، وكانوا يطلقون على عقد
الذمة اسم عقد الأمان ، أى العقد الذى يعطى أهل الذمة حق الحماية من الدولة
لأنفسهم وأملاكهم ، ويتمشى ذلك مع المبدأ الأصولى فى الفقه الإسلامى : بأن نظام
الحكم كله قائم على أساس تعاقدى ، فرئيس الدولة يتولى السلطة بناء على البيعة أى
الانتخاب ، وهو عقد يخضع بصفة أساسية لأحكام العقود. وفى الدولة الإسلامية فإن
علاقة الدولة بالأفراد ـ مسلمين أو ذميين أو مستأمنين ـ تؤكد