يغض النظر عن إمكان إصابة مسلمين ، والضرورات تبيح المحظورات ، مع ملاحظة أن المسلمين إذا انتصر العدو سيقتلون أصلا ، وقد يقتلهم انتقاما إذا انهزم. ولو انتهى المسلمون عن حرب الأعداء بدعوى وجود مسلمين بين سكان العدو ، فسينتهى الأمر باندحار كل المسلمين ، وأهون الشرّ أن يموت بعض المسلمين من بلاد العدو ويبقى كل المسلمين الآخرين.
* * *
١٥٦٥ ـ حسنة الجهاد بسبعمائة ضعف
ورد بالقرآن أن الحسنة فى جميع أعمال البرّ بعشر أمثالها ، كقوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١٦٠) (الأنعام) ، بينما حسنة نفقة الجهاد بسبعمائة ضعف ، كقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (٢٦١) (البقرة) ، وفى قوله «يضاعف لمن يشاء» إعلام بمضاعفة الأجر لأكثر من سبعمائة ضعف ، كالمزارع الذى يحسن الفلاحة ، وانتقاء البذر ، ويختار الأرض الخصبة ، فذلك يكون محصوله أوفر من آخر لم يهتم به ، فكذلك المتصدّق المحسن فإن أجره يزيد عن سبعمائة ضعف إذا كان هو نفسه من الصالحين ، وماله من حلال ، ووضع نفقته فى مكانها الصحيح. وليس من ينفق فى الجهاد ويقيم فى بيته كمن ينفق ويغزو بنفسه ، فعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أن الأول أجره سبعمائة ضعف ، والثانى أجره سبعمائة ألف ضعف.
* * *
١٥٦٦ ـ السائحون والسائحات هم المجاهدون والمجاهدات
السياحة صفة الكمّل من المؤمنين والمؤمنات ، فمن صفات المجاهدين فى سبيل الله أنهم السائحون (التوبة ١١٢) ، ومن صفات الزوجات الصالحات أنهن السائحات (التحريم ٥) ، والسياحة هى التجوال فى الأرض للعبادة والترهّب ، وعن الرسول صلىاللهعليهوسلم : «إن سياحة أمتى الجهاد فى سبيل الله» ، أى أن سياحتهم وتجوالهم فى الأرض من أجل إعلاء كلمة الله ؛ فالمهاجرون سيّاح فى سبيل الله ، والسياحة قد تكون تجوالا بقطع المسافات ، وقد تكون تجوالا فكريا ، بالتفكّر فى ملكوت الله ، وكل ذلك جهاد فى سبيل الله ، لأنه من أجل نشر كلمة التوحيد. وأصل السياحة : الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء ، فالزوجة السائحة هى الذاهبة فى طاعته تعالى كالماء إذا ذهب ، وهى المهاجرة تذهب فى الهجرة ، والصائم والصائمة سائح وسائحة ، لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل من حيث يجد