البخارى بطريق عروة : كانت وقعة بنى النضير بعد بدر بستة أشهر. والحشر هو الجلاء القسرى ، وهو خروج الناس من البلد ، وأعطى النبىّ صلىاللهعليهوسلم كل ثلاثة من بنى النضير بعيرا واحدا وسقاء ، وضرب لهم موعدا لجلائهم لا يتجاوزونه وهو ثلاثة أيام ، والرأى فى اليهود عموما ما صنعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم معهم ، فلنتعلم من ديننا.
* * *
١٥٦٣ ـ التخيير بين القتل أو الإسلام؟!
الآية (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) (١٦) (الفتح) ضمن سياق فيه خبر عن المستقبل ، أن المسلمين سيدعون إلى قتال قوم أولى بأس ، فهل ستعتذرون وستتخلون مرة أخرى؟ علما بأن هؤلاء الناس لن يكون الحال معهم بالصلح كما فى الحديبية ، بل هى الحرب والموت أو أن يسلموا لو اختاروا الإسلام بلا إكراه ، والآية إذن ليس فيها التخيير بين القتل أو الإسلام ، وليس من معانيها أن من لم يسلم يقتل كما يروّج المستشرقون ، خاصة اليهود.
* * *
١٥٦٤ ـ يراعى الكافر فى حرمة المؤمن
الدليل على ذلك الآية : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٢٥) (الفتح) : وهؤلاء هم المستضعفون من المؤمنين وسط الكفار والمشركين ، لم يعرفهم المؤمنون ولم يعلموا بهم ، وإلا لجاز للمؤمنين أن يقاتلوا أهل الكفر وهؤلاء المؤمنون بينهم ، وإنما خشية إلحاق الضرر بالمؤمنين ، وأن يقال المسلمون يتسببون فى قتل المسلمين ، وقد يضار بالقتال من أهل هذا البلد مواطنون يريدون أن يدخلوا فى الإسلام بعد الصلح ، لم يجز الإسلام الرمى وهؤلاء بينهم ، إلا لو تميّز المسلمون بميزة يعرفون بها من غير المسلمين ، وإذن لتيسر مقاتلة غير المسلمين ، وهكذا يدفع الله بالمؤمنين عن الكفّار ، فلا يمكن إلحاق الأذى بالكفار طالما أن ذلك سيؤذى المؤمنين أيضا ، فلو أن أسارى من المسلمين لدى العدو فلا يجوز أن تضرب بلاد العدو بالمدافع والصواريخ وتشن عليها الغارات الجوية. وكذلك لو احتمى كافر بمسلم لم يجز رميه. وإن أصيب مسلم فى عدوان المسلمين على كفرة ، فعلى فاعل ذلك الدّية والكفّارة ، فإن لم يعلم أنه مسلم فلا دية ولا كفّارة ، وذلك لأن المسلمين يعلمون أن من بين صفوف العدو مسلمين فليس لهم أن يرموا ، فإذا رموا صاروا قتلة خطأ ، والدية على عواقلهم ، يعنى على حكوماتهم ، وإذا لم يكن من الممكن أبدا مفاداة قتل المسلمين فى حالة اتخاذ العدو لهم دروعا بشرية ، فإنه