١٥٥٩ ـ لا تمنّوا لقاء العدو
المسلم على سؤال العافية من الفتن ، ومن أقوال الصدّيق : «لأن أعافى فأشكر ، أحبّ إلىّ من أن أبتلى فأصبر» ، وفى القرآن : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١٤٣) (آل عمران) ، والآية عتاب للمسلمين أن تمنّوا المعركة قبل وقوعها ، وفى الحديث : «لا تمنّوا لقاء العدو وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا». وحكمة النهى : أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر ، ولأنه ربما يصدر عن إعجاب ووثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو ، وذلك يباين الاحتياط والأخذ بالحزم ، ويحمل النهى على ما إذا وقع الشك فى المصلحة أو حصول الضرر ، وإلا فالقتال فضيلة وطاعة ، والدعاء عند اللقاء استنصار بالله ، ومراعاة للأدب ، وفى رواية أخرى للحديث : «لا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون ، عسى أن تبتلوا بهم» ، لأن لقاء الموت من أشق الأشياء ، ولا نعلم ما يغيب عنا ، ولا نأمن ما يكون عند الوقوع ، فيكره لذلك التمنّى ، فقد يخالف ما يحدث ما نعد به أنفسنا.
* * *
١٥٦٠ ـ اليهود ينقضون العهود فى كل مرة
مثلهم كمثل بنى قريظة والنضير : (يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) (٥٦) (الأنفال) وقال فيهم لذلك إنهم : (شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ) (٥٥) (الأنفال).
* * *
١٥٦١ ـ فى الحرب مع اليهود شرّد بهم
الآية : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٥٧) (الأنفال) ، كالقول المأثور والحكمة الغالية ، وتعنى : إذا لقيتم اليهود فنكّلوا بهم ليكونوا مثلا لغيرهم من قومهم ، فيتّعظون ويفرقون ، والتشريد هو التبديد والتفريق.
* * *
١٥٦٢ ـ الحشر لليهود هو جلاؤهم القسرى
المقصود بالحشر فى سورة الحشر : الإخراج الجماعى وقد حشدوا له كأنهم فى يوم القيامة ، والمقصود بالمخرجين بنو النضير من اليهود ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا قدم المدينة قد هادنهم وأعطاهم عهدا وذمة على أن لا يقاتلهم ولا يقاتلوه ، فنقضوا العهد فأجلاهم النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وأخرجهم من حصونهم الحصينة التى ظنوا أنها مانعتهم من بأس الله ، فما أغنى عنهم من الله شيئا ، وتفرّقوا بددا ، فذهبت منهم طائفة إلى أذرعات من أعالى الشام ، وذهبت طائفة إلى خيبر. وكانت وقعة بنى النضير بعد وقعة أحد ، وبعد بئر معونة. وقال