وأما الذمّى : فهو الكتابى من اليهود أو النصارى ، وهؤلاء قسمان ، فمنهم الأجنبى المقيم أو العابر ، وهذا له الأمان ، ومنهم المواطن ، من أهل البلد المسلم ، وله ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم. وهذه هى شروط الذمّة : أن يلتزم بالمواطنة الصحيحة فلا يمايز أهل ملّته على المسلمين ؛ ولا ينضم لأعدائهم ولو كانوا من أهل ملّته ، وأن يدفع ما عليه من ضرائب كغيره من المواطنين ، ويخضع لقوانين الأغلبية طالما يأخذ بالديموقراطية. والذمّى ليس بحربى ، ولكنه فى ذمة المسلمين وعهدهم ، فلا يتعرضون له ولدينه بسوء ، ويدفعون عنه ، ويمكّنون له أن يعبد الله كما يشاء ، طالما يوفّى بشروط الذمة ـ وهى حسن المواطنة ، وعدم التعرّض للإسلام وللمسلمات ، ولا يبشّر بدينه ، ولا ينكح المحارم ، ولا يظهر ارتكاب المنكرات ، ولا يأوى إليه أعداء الإسلام ، ولا يتجسّس على المسلمين لحساب أعدائهم ، ولا يأكل الربا ، فمن فعل ذلك برئت منه ذمة الله وذمة رسوله.
والحربى الذى يجيء متاجرا ومعه التصريح بذلك من السلطات المحلية المختصة والقنصليات والسفارات المعتمدة ، عليه ضرائب أهل البلد المسلم مثلما الحال فى بلده ، وكانوا قديما يتقاضونه عشر الأرباح فقط كما هو فى دينه. وإذا أسلم الحربى فى دار الإسلام دخل فى ذمة المسلمين. وتجوز هدية أهل الحرب لواحد من المسلمين ، بشرط أن لا تكون على سبيل الرشوة. وأموال أهل الحرب فى حال الحرب المعلنة غنائم حرب ، وما يغنمه المسلمون منهم بلا حرب من الفيء. ولا يدخل فى الغنيمة مال المسلم القاطن بدار الحرب. وتصحّ وصية المسلم للذمّى ، والذمّى للمسلم ، وتصحّ وصية المسلم للحربى فى دار الحرب ، والحربى للمسلم فى دار الإسلام ودار الحرب. والمسلم يقطع بسرقة مال الذمّى ، كما يقطع الذمّى بسرقة مال المسلم ومال الذمى. والحربى إذا دخل بلاد الإسلام مستأمنا وسرق قطع ، ويقطع المسلم والذمى بسرقة مال الحربى المستأمن ، ومعاملة الذمى والحربى المستأمن هى نفس المعاملة للمسلم فى القصاص ، سواء فى السرقة والزنا أو غيرهما. وقيل : يقتل الحربى المستأمن لو زنى بمسلمة أو ذمّية فى دار الإسلام ، وهذا غير صحيح لأن القتل ليس جزاء الزنا ولا يقتل ذمّى ولا مسلم بحربى غير مستأمن ، ولا يقتص منهما لأذى أو جرح يصيبه وإن أسلم قبل أن يموت ، لا تجب له الدية ولا الكفّارة.
* * *
١٥٥١ ـ كل هزيمة أو نصر فبإذن الله
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن فى الحرب : أن المؤمن يرى أن الهزيمة والنصر من عند الله ، وغير المؤمن يراهما من عند نفسه ، كقارون قال عن غناه : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) (٧٨) (القصص) ، فكذلك الظالمون يرون أن النصر يؤتونه على علم عندهم ، والله