١٥٤٩ ـ البيعة فى الحرب أن لا يفروا
المسلمون فى الحرب على البيعة أن يصمدوا فى المعركة ، والصمود يعنى أن لا يفروا ، ويستلزم الصبر ، ويقتضى أن يجاهد المسلم بنفسه وأن يبذلها لنصرة دينه ، وفى الحديث عن بيعة الرضوان فى الحديبية لمّا بايعوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم : قال بعضهم إنهم بايعوا على أن لا يفروا ، وقال آخرون : إن البيعة كانت على الموت ؛ وأخبر بعضهم أن البيعة كانت على الصبر ، أو كانت على الإسلام والجهاد ، وأنزل الله تعالى الآية : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (١٨) (الفتح) ، فهذه الأركان الأربعة إذن هى التى كانت عليها تلك البيعة ، وهى التى كانت رضا الله تعالى عنهم بسببها ، واستوجبت أن ينزل عليهم السكينة ويثيبهم الفتح القريب ، وهى : الثبات وعدم الفرار ، والموت ، والصبر ، والإسلام والجهاد ، وما تزال هذه الأركان هى أركان كل حرب يدخلها المسلمون ، فهم لا يحاربون إلا صونا لبلادهم ودينهم ، وقد أقسموا أن لا يفروا منذ بيعة الرضوان ، ومن لا يفر قد يموت ، والموت لا يخيفهم لأنه يعنى الشهادة ، وهى إحدى الحسنيين ، ولا تنافى بين عدم الفرار والموت ، لأن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ، وليس المراد أن يقع الموت حتما لمن لا يفر ، والصمود يقتضى الصبر ، وكل حرب لها أهدافها ، وخير أهداف المسلمين فى حروبهم نصرة الإسلام ، ووسيلتهم لتحقيقها الجهاد ، وهو أشرف وسيلة ، لأنه يعنى بذل الوسع لتحقيق النصر.
* * *
١٥٥٠ ـ الحربىّ والذمىّ
الحربى : هو من يعادى الإسلام والمسلمين ، سواء من أهل بلد من بلاد الإسلام ، أو من خارج بلاد الإسلام ، وكل بلد تعادى نظمه الاجتماعية والسياسية والإعلامية الإسلام والمسلمين فهو دار حرب ـ أقول تعادى ولا أقول تناقض أو تخالف أو تعارض ، وفرق بين العداء والمعارضة والنقض والمخالفة .. وقد يصنّف الذين يظهرون الإسلام ويبطنون له العداء من أهل بلد الإسلام باعتبارهم : منافقين ، وهؤلاء كانوا منذ النبىّ صلىاللهعليهوسلم ضمن أهل المدينة نفسها ، أى من داخل المجتمع الإسلامى ، ومن حول المدينة ، أى ضمن مجتمعات البلاد الإسلامية الأخرى ، وأدرجهم الله تعالى مع الكفار والمشركين ، واتهمهم بالفسوق والكذب ، وشخّص نفاقهم بأنه مرض نفسى من أمراض القلوب وأرجعه إلى جهلهم وسوء طويتهم ، ووصفهم بأنهم لا يعلمون ، ولا يفقهون (الآيات ١٢ و ٧٣ الأحزاب ، والتوبة ٦٧ ، ٦٨ ، ١٠٦ ، والمنافقون ٧ ، ٨) ، وجميعها صفات تصنع منهم ما يسمى بالطابور الخامس.