١٥٤٧ ـ الكذب فى الحرب
الكذب : من الخداع فى الحرب ، والكذب مطلقا رذيلة ، وهو فى الحرب فضيلة ، وفى الحديث : «لا يحل الكذب إلا فى ثلاث : يتحدث الرجل إلى امرأته فيكذب ليرضيها ؛ والكذب فى الحرب ، وفى الإصلاح بين الناس». والكذب فى الحرب من المستثنى الجائز بالنصّ لحاجة المسلمين إليه ، ردا على كذب أعداء الإسلام ، وصفهم الله تعالى فقال : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٢٨) (الأنعام) ، فالكذب ليس للعقل فيه مجال ، ولو كان تحريم الكذب بالعقل ما انقلب حلالا ، ومن أمثلته أن النّبى صلىاللهعليهوسلم أذن للحجاج بن علاط أن يقول عنه ما يشاء لأهل مكة لمصلحته فى استخلاص ماله منهم ، وأذن للمسلمين أن يقولوا كذبا عن أنفسهم أن أهل خيبر هزموهم ليوقعوا بأهل مكة. ولا يتعارض ذلك مع القصة مما أخرجه النسائى : أن الأنصارى طلب من النبىّ صلىاللهعليهوسلم أن يومئ إليه بعينه ، فقال له : «ما ينبغى لنبىّ أن تكون له خائنة الأعين» ، لأن المأذون به فى الخداع فى حالة الحرب خاصة ، وأما فى غير ذلك فليس بأحوال حرب ، ومنها أنه صلىاللهعليهوسلم كلما أراد أن يغزو وجهة الشرق ، جعل كأنه يهتم بجهة الغرب ، مع أن مراده الشرق. والكذب فى القرآن بالنسبة للمسلم من المعاريض ولا يصرّح به ، ولا يوجد آية فى القرآن تصرّح بالكذب الحقيقى ، الذى هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ، ومحال أن يتضمن القرآن آية تبيح الكذب ، وفيه على العكس أكثر من ٢٠٠ آية تدين الكذب ، ومحال أن يأمر بالكذب من قال : «من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ، إلّا الكذب فى الحرب فإنه خدعة ، والخداع جائز فى الحرب.
* * *
١٥٤٨ ـ الرّجز فى الحرب
الرّجز : من بحور الشعر ، والعرب كانت تستعمله فى الحرب ليزيد فى النشاط ويستحث الهمم ، والجماعات تنشده طلبا للطمأنينة ، واستئناسا بقومهم ، واستنصارا بالله ، والنبىّ صلىاللهعليهوسلم استنّه للمسلمين ، وارتجز برجز غيره فى غزوة الخندق ، إلا أن يكون فى سماع أصوات الجماعة خطرا داهما عليهم فيجب الصمت والتخفّى ، ومما كان يرتجز به النبىّ صلىاللهعليهوسلم قوله
اللهم لو لا أنت ما اهتدينا |
|
ولا تصدّقنا ولا صلّينا |
فأنزلنّ سكينة علينا |
|
وثبّت الأقدام إن لاقينا |
إنّ الأعدا قد بغوا علينا |
|
إذا أرادوا فتنة أبينا |
* * *