عن أسباب النزول إما صريحا فيقال : وسبب نزول الآية ، أو نزلت هذه الآية فى كذا ، أو يكون تعبيرا بالفاء ، كقول جابر : كانت اليهود تقول من آتى امرأة من دبرها جاء الولد أحول ، فأنزل الله (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) (البقرة ٢٢٣). وإذا كانت هناك أكثر من رواية فى أسباب النزول ، فإما أن رواية منها هى الصحيحة ، أو أنها المرجّحة ، أو أن الروايات تستوى فى الصحة ، أو أنها مردودة ، وقد يتكرر السبب لأكثر من آية ، فتتعدد الآيات للسبب الواحد. وقد يكون سبب الآية خاصا وإنما ألفاظها عامة ، ومن أسلوب الحكيم أن يسأل عن الشيء فيأتى جواب الآية عن شىء آخر هو الأهم والأولى بالرعاية ، ولا تعارض بين آيتين إحداهما تسأل عن شىء عام ، والأخرى عن شىء خاص ، فيبدو أنهما متناقضتان ولا تناقض. وغرضنا من هذا الباب أن يلم المسلم بأسباب النزول ، ليعرف أن الدين مرتبط بواقع الحياة ، وبمجريات الأمور مع الناس ، فإذا كانت الآية أو السورة عن قصة فإنه يعلم أن القصة ـ وهى من باب الأدب ـ ليست لذات القصة ، وإنما للفوائد المرجوّة منها ، والدروس المستفادة ، ولتسلية المؤمنين حتى يزدادوا إيمانا ، فالنهايات متشابهة وإن اختلفت الوقائع والأحداث ، وعبر الأمس هى نفسها عبر اليوم ، أو يعلم أنه مثلما كان الناس فى القديم يعانون ولهم مشاكلهم ، وكانوا يسألون فيها ليعرفوا الجواب ويعملوا بمقتضاه ، فكذلك ينبغى أن يكون الشأن اليوم ، والعلم بالأسباب يورث العلم بالمسببات.
* * *
١٠١٣ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الفاتحة
قيل : نزلت سورة الفاتحة أو سورة الحمد بينما جبريل عند النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وجاء ملك يبشّر بها وبخواتيم سورة البقرة ، وتلاها جبريل. وهى أم القرآن ، ولا صلاة لمن لم يقرأ بها فى كل ركعة.
* * *
١٠١٤ ـ فى أسباب نزول آيات سورة البقرة
١ ـ فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٤) : قيل : المراد مؤمنو أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ، وفيه نزلت هذه الآية ، وأما الآية الأخرى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣) (البقرة) فقد نزلت فى مؤمنى العرب. وقيل الآيتان جميعا فى المؤمنين.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٨) : قيل : المراد بالناس المنافقون ، وفى المنافقين نزلت فى سورة البقرة ثلاث عشرة آية.