(١٩٤) (البقرة) ، والجزاء لا يكون سيئة ، والقصاص لا يكون اعتداء ، لأنه حقّ وجب ، ومثله ، وقوله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٥٤) (آل عمران) ، وقوله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (١٥) (البقرة) ، وليس منه تعالى مكر ، ولا هزء ، ولا كيد ، ولا خداع ، وإنما هو جزاء مكرهم واستهزائهم وخداعهم ، وكلها صفات غالبة على شخصية المنافق.
* * *
١٤٤٢ ـ الهمزة واللمزة
الهمزة واللّمزة : نمطان من الأنماط النفسية للشخصية ، ينفرد بهما القرآن ضمن ما نسميه بعلم النفس الإسلامى ، يقول تعالى (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (١) (الهمزة) ؛ والهمزة : الفتّان ؛ واللمزة ، العيّاب ؛ أو أن الهمزة : الذى يغتاب ويطعن الناس فى وجوههم ، واللمزة : الذى يغتابهم من خلفهم ، كقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) (٥٨) (التوبة). وقيل إن الهمزة : الطعّان فى الناس ، واللّمزة : الطعّان فى أنسابهم. والهمزة والهامز أيضا : الذى يزغدنا باليد ، يعنى بالدفع ؛ واللّمزة : يزغد باللسان ، يعنى يسيء به. وقيل : الهمّاز : باللسان ؛ واللمّاز : بالعينين ، أو بالعينين والحاجبين.
والهمزة اسم وضع للمبالغة ، كما يقال ضحكة للذى يضحك بالناس. وأصل «الهمزة واللمزة» الضرب والدفع. ومثل «الهمزة اللمزة» : الوليد بن المغيرة ، الذى كان يغتاب النبىّ صلىاللهعليهوسلم من ورائه ، ويقدح فيه فى وجهه ، وكذلك أبىّ بن خلف ، وجميل بن عامر الثقفى.
* * *
١٤٤٣ ـ القرين فى القرآن وعلم النفس
القرين Peer : فى علم النفس هو الصاحب أو الزميل ، وهو الذى يقرن به دوما للمشابهة بينهما. والقرين فى «جماعة اللعب» بين الأطفال ، فهو الملازم لقرينه ، وفى «جماعة الأصحاب» توزّع الأدوار بين القرناء بحسب الوسع والقدرات والزعامة. والقرناء يكونون منذ الطفولة ، وتكون لهم تخيّلاتهم وطموحاتهم المتشابهة. والقرين فى اللغة : المقرون بآخر ، والمصاحب ، والعشير ، والزوج ، والنفس ؛ والمؤنث القرينة ، والجمع أقران وقرناء. والفرق بين القرين والصاحب ، أن القرين ألصق بالصفات النفسية المشتركة بين اثنين من الأقران ، بينما الصاحب Companion هو المرافق ، يقال صحبه أى رافقه ، والصاحب لا ينافر صاحبه وهما لذلك يتلازمان. والرفيق Comrade هو الصاحب أيضا ، ومن صفته أن يرفق بصاحبه فينفعه ويعينه ، والجمع رفقاء.
والقرين : مصطلح قرآنى ، وينصرف إلى ثلاثة معان ، فقد يعنى الملك الموكل بالمرء كما فى قوله تعالى : (وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (٢٤)