١٤٠٦ ـ معجزة إعادة الخلق من عظام الميت
يقول الله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (٧٨) (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٧٩) (يس) ، والرميم من رمّ العظم أى بلى وصار رمّة ، مع ذلك فهو تعالى يعيده حيا فى النشأة الثانية ؛ وشرح ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن الإعادة تكون بما يسمّى عجب الذّنب ، وهو أصل الذنب عند رأس العصعص من العمود الفقرى ، وفى الحديث : «كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ، منه خلق ، وفيه يركّب» أخرجه أبو داود والنسائى وأحمد وابن ماجة ، وفى رواية أخرى : «يأكل التراب كل شىء من الإنسان إلا عجب ذنبه» قيل : ما هو يا رسول الله؟ قال : «مثل حبة خردل منه نشأ» ، وفى رواية أخرى ، قال : «ليس من الإنسان شىء إلا يبلى ، إلا عظما واحدا هو عجب الذنب ، ومنه يركّب الخلق يوم القيامة» قالوا : أى عظم يا رسول الله؟ قال : «عجب الذنب». وهذه الأحاديث حول تفسير الآية يؤكدها العلم الحديث بعد ألف وأربعمائة سنة من نزول القرآن ، فقد ذكر علماء الأجنة أن تخليق الجسد فى الإنسان يأتى وفق شريط دقيق للغاية يسمى الشريط الأولى ، يتخلّق فى الأسبوع الثانى من تلقيح البويضة وانغراسها فى جدار الرحم ، وتتكون به كل التعليمات حول شكل الجنين ، وأوامر تنشيط الخلايا للانقسام وتكوين أجهزة الجسم ، وتخصّصها ، وتمايزها ، وتكاملها ، وتناسقها ، فإذا تمّ التخلّق اندثر الشريط إلا من جزء صغير للغاية يبقى فى نهاية العصعص ، وهو المسمّى عجب الذنب ، فإذا مات الإنسان بلى إلا عجب الذنب يكون رفاتا ، كقوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٤٩) (الإسراء) ، والرفات : ما تكسّر وبلى ، كالفتات والحطام والرّضاض ، وعجب الذنب من هذا الفتات ، ويبقى ولا يندثر ، وبه يعاد الخلق : بما يحتوى من أوامر ، كما فى الحديث : «ثم ينزّل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل» ، والذى ينبت هو عجب الذنب ، كما ينبت النبت من البذرة ، يعنى تكون به النشأة الثانية ، وثبت علميا أنه يستحيل فناء عجب الذنب هذا أو الشريط الأولى ولو بأقوى الأحماض ، أو بحرقه ، أو سحقه ، أو إبطال مفعوله بالأشعة. والآيات والأحاديث فى ذلك من المعجزات العلمية التى سبق بها الإسلام ، دليلا على صدق ما جاء به ومن جاء به.
* * *
١٤٠٧ ـ الخلق فى ظلمات ثلاث
لفتت الآية : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) (٦) (الزمر) انتباه علماء الأجنة من غير المسلمين لمّا نبههم إليها علماء المسلمين ، وكانت الآية