مرض» : فهم الذين يضمرون الفسق والزنا ؛ وأما «المرجفون» : فهم الكذّابون ، والإرجاف هو إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به ، فتسود الكآبة الناس لسماعهم ما يسوؤهم. وفى وصف «الذين فى قلوبهم مرض» يقول تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) (٢٩) (محمد) ، والضّغن والضغينة : الحقد ، وهو من شرّ ما يبتلى به المرضى النفسانيون. والمرض النفسى من الإنسان بسوء طويته والمرض البدنى من الإنسان بإهماله وتلويثه لطعامه وبيئته. وفى الحديث عن التداوى من المرض البدنى والنفسى ، قوله صلىاللهعليهوسلم : «يا عباد الله تداووا ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء ، إلا داء واحدا ـ الهرم» ، والهرم يعنى الشيخوخة. والدواء للأمراض من قدر الله ، وإباحة التداوى من الإسلام. ومنه التداوى بالماء ، بشرب المزيد منه ، وكان معروفا عند العرب ، وقال به الطب الحديث ، وفى التنزيل : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) (٩) (ق) ، وبركته فى شفائه ولزومه للحياة كقوله تعالى فى زيت الزيتون : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) (النور) ، وبركة شجرة الزيتون أن الشفاء يكون بزيتها ، وبركة النحل أن الشفاء فى عسله ، والنبىّ صلىاللهعليهوسلم أوصى بزيت الزيتون فقال : «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه مبارك» ، وأقسم الله تعالى بالزيتون وبالتين ، (سورة التين) وكلاهما طعام ودواء ، ودهن الزيتون هو زيته ، وشجرته معمرة قد تستمر لألف عام ، ونسبة الأحماض فى زيتها قليلة جدا ودهنها مشبع ، وقيمته الصحية عالية ، وتناوله باستمرار يقى من تصلب الشرايين ، وانسداد شرايين القلب التاجيّة ، وارتفاع ضغط الدم ، والبول السكرى ، وسرطانات المعدة والقولون ، والثدى ، والرحم ، والجلد ، وقرحات الجهاز الهضمى ، وأكسدة الكولسترول ، ويفيد الزيت فى ذلك من طريق فيتامين ه ومركبات الفينولات ، ويمنع زيادة الكولسترول الضار المعروف باسم LDL ، ويمنع أكاسيد الشحوم.
وفى المرض البدنى والنفسى معا يقول تعالى : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (٨٠) (الشعراء) ، والشفاء يتم بالدواء الذى جعله تعالى لكل داء ، والإيمان من طرق العلاج ، وفى الإسلام ، هو الإيمان بالقرآن ـ وبكلامه تعالى ، وبقدره ، كقوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨١) (الإسراء) ، وشفاؤه شفاء القلوب بإزالة الريب والخلاص من التهافت النفسى المضعف للمناعة ، والمسبب للمرض النفسى. والشفاء من المرض البدنى : بالعلاج. ومن نعمه تعالى على المريض رخصه فى المرض ورفعه الحرج عن المرضى ، بقوله : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) (٩١) (التوبة) ، فالمريض من المعذورين ، ولا عليه أن يكون فى الجهاد من الخوالف ، وهو من المعذورين فى الصيام ، بقوله : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (١٨٤) (البقرة) ، ومن المعذورين فى قيام الليل بقوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ