الإبل : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (١٧) (الغاشية) ، صار الناس يعاودون النظر إلى الإبل ويتأملون عظيم قدرة الله تعالى فيها ويدعون بعضهم البعض يقولون : هيا بنا ننظر إلى الإبل كيف خلقت! وسبحان الله العظيم الذى أنزل عن ذلك فى كتابه الكريم من قبل ألف وأربعمائة سنة ، يذكّر بمعجزة لم يكشف سرّ عظمتها إلا العلم الحديث.
* * *
١٤٠٣ ـ لأنعام وجلودها وأصوافها
الأنعام : النّعم هى الإبل ؛ والأنعام ، هى الإبل وكل ما يرعى ، أى كل المواشى من الإبل والبقر والغنم ، وفى الآية : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (٨٠) (النحل) أن الأنعام يستفاد منها على خير وجه ، فبالإضافة إلى لحومها وألبانها ، فإن جلودها تصنع منها الخيام والقباب والأحذية والحقائب التى يخفّ حملها ، ومن أصوافها تصنع الملابس والعباءات والأغطية والأكلمة والسجاجيد ، وكانت للنبىّ صلىاللهعليهوسلم قبّة من الأدم أى الجلد ، وكان يستظل بها. وأشهر الأصواف من الغنم ، ومن وبر الإبل وشعر المعز. وفى الآية جواز الانتفاع بجلود الأنعام وأوبارها وأصوافها وأشعارها ، وكذلك قرنها ، وأسنانها ، وعظامها ينتفع بها كالانتفاع بجلودها ، ولم تخصّ الآية جلود الميتة من المذكّاة ، وهى عامة فى جلد الحىّ والميت ، فيجوز الانتفاع بجلود الميتة بعد دبغها ومعاملتها بالأملاح والشبّ أو غير ذلك من المطهّرات ، وكان الشبّ والملح هو المشهور أيام النبىّ صلىاللهعليهوسلم.
* * *
١٤٠٤ ـ المرض
المرض فى القرآن مرضان : المرض البدنى والمرض النفسى ، والأول : كقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) (١٧) (الفتح) ، فأسقط الحرج على المريض فى بدنه فى مسائل كثيرة ؛ والثانى وهو : المرض النفسى : كقوله تعالى : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) (٣٢) (الأحزاب) ، ومرض القلوب : نفسى ، وهو التشوّف للفجور والخنا والفسق ، وقوله : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) (٦٠) (الأحزاب) ، فهؤلاء ثلاثة أصناف من المرضى النفسانيين : فأما المنافقون : فهم الذين يظهرون بخلاف ما يضمرون ، تشبيها باليربوع له حجر يقال له النافقاء ، وآخر يقال له القاعصاء ، وظاهر حجره تراب وباطنه حفر ، وكذلك المنافق ، ظاهرة إيمان ، وباطنه كفر ، أو ظاهره الصداقة وباطنه العداوة ؛ وأما «الذين فى قلوبهم