ولا تخشع لدلائل القدرة. ولو كان اللون وحده دليلا وبرهانا على القادر ، وعلى معجزة القرآن العلمية ، لكفى به دليلا وبرهانا ، والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
١٣٩٩ ـ لغة الطير والحيوان وتسبيح الرعد والجبال
فى القرآن أن لغة الطير والحيوان هو منطقها ، ولم يقل لغة ، لأن اللغة للإنسان ، ولكن الطير والحيوان له منطق ، وهو ما ينطق به بالأصوات ، أو بالإشارات ، أو بالروائح ، وكلها ناطقة بحال الطير أو الحيوان ، وتعلّم سليمان هذا المنطق كما فى سورة النمل ، وعرف ما يقول النمل ، وما قاله الهدهد ، وسخّرت الجبال تسبّح مع داود والطير ، فكلما رتّل مزاميره فوق الجبال كان يسمع لها صدى ، وكانت الطيور تجتمع إلى عزفة على المزمار ، كما جاء فى سورة الأنبياء ، وحتى الرعد يسبّح ، وصوته هو تسبيحه ، ومعنى التسبيح الخضوع لقوانين الله والسّبح فى الكون بمقتضاها ، ولذا قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٤٤) (الإسراء) ، وقال : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) (١) (التغابن) فاستخدمت الآية «ما» ولم تستخدم «من» ، لأن أغلب ما فى الذسموات والأرض أشياء وليس بشرا أو ملائكة أو جانا ، فكان الأنسب لها «ما» وليس «من». وقد أثبت العلم الحديث ، أن الأصوات التى تصدر من الحيوان والطير ، ومن الحجارة والصخور ، ومن الماء ، وحتى الهواء ، لها معان وتفسيرات ، وللجبال مثلا أحوال تكون الأصوات منها على منوال معين ولا تكون على منوال آخر ، وكذلك السّحب فى السماء ، والأشجار وحفيفها ، والحشرات برفرفة أجنحتها وما تصدره من روائح ، وتتفاهم مع بعضها بوسائل مختلفة لها دلالاتها ، فبعضها يتحاور بطريق الإشارات الضوئية مثلا ؛ ويضرب جنود النمل الأبيض برءوسهم الكبيرة جدارن الإنفاق إذا شعروا بهجوم على عشّهم ، فيفهم هذا التحذير باقى أفراد النوع ؛ ولبعض الخنافس خاصية إصدار أضواء من الخلف كالبطاريات الصغيرة ، تتحكم الأنثى فى إضاءتها وإطفائها بأحبالها العصبية ، فتأتى إليها الذكور ؛ وللذكور كذلك نفس هذه البطاريات وإن كانت دائمة ، لتعلن عن مكانها للإناث ، وهذه هى لغة أو منطق هذه الأنواع. واللغة الكيميائية أكثر ذيوعا بين الحيوان والطير ، وتستخدمها مثلا الكلاب والقطط ، وتصدر هذه الروائح الكيميائية أو تفرزها ، مواد تخلّفها فى الأماكن لتنبئ عن وجودها. وللحيوان أو الطير شعيرات حسيّة كأجهزة الإرسال والاستقبال ، وتكون بالنسبة للحيوان أو الطير كالشفرة ، وتسمى الإفرازات الكيميائية «فرمونات» ، وتتنوع فى تركيبها ، وتتعدد أغراضها ، ومنها الفرمونات الجنسية