وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) (٢٢) (الروم) ، وقوله : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) (٢٨) (فاطر) ، وقوله : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) (١٣) (النحل) ، وقوله : (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) (٢١) (الزمر) ، وقوله : (فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) (٢٧) (فاطر) ، وقوله : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧) (فاطر) وفى ذلك آيات لمن يعقل ويفهم حجج الله تعالى ودلائله على قدرته ، وأن القرآن هو كتابه ، وفيما سبق هذه الآيات نبّه تعالى إلى ما فى السماء من معالم ، وانثنى إلى الأرض يلفت إلى ما خلق فيها من مختلف المعجزات ، من حيوان ومعادن ونباتات وجماد وإنسان ، على اختلاف ألوانها وأشكالها ، ومن الجبال جدد بيض وحمر وغرابيب سود ، والجدد هى الطرائق فى الجبال تعكس ألوانها التركيب الكيميائى والمعدنى لصخورها ، فالصخور الحامضية وفوق الحامضية منها الجرانيت الأبيض ، والفولسبار الأحمر ، والبايوتايت الأصفر والبنى ، وصخور الدايورايت البيضاء والحمراء والسوداء شديدة السواد ، ولو لم يكن القرآن كتاب الله فمن أين يأتى محمد بهذه المعلومات العلمية إن لم يكن موصولا بوحى السماء ، وما فى هذه الاختلافات من بدائع لا يستطيعها إلا إله ، وفى ذلك ذكرى لمن يذكّر ، ومن ذلك عسل النحل ، جعل منه الأبيض ، والأصفر ، والأحمر ، وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومآكلها. وهو الذى ينزل الماء من السماء ، فيخرج به الثمرات المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد ، فيأتى الثمر أصفر ، أو أحمر ، أو أخضر ، أو أبيض ، إلى غير ذلك من الألوان ، وتتغير بها الطعوم والروائح. والألوان تتخالف فى نطاق الأطوال الموجية التى تحسّها عين الرائى ، من البنفسجى ، إلى الأزرق ، فالأخضر ، فالأصفر ، فالبرتقالى ، فالأحمر. واللون يتحدد ، بحسب درجة التشبّع ودرجة الزهاء. وفى الجبال صخور تتخالف ألوانها بحسب اختلاف ترتيب ذراتها ، ومن الصخور تتكون المعادن ، ولكل معدن بصمته اللونية كما للإنسان بصمة تميزه بين البشر ، وما يميز الصخور والمعادن والعناصر هو ألوانها ، وكذلك الإنسان ، فمن الناس الزنوج والأحباش ، ولونهم فى غاية السواد ، والأوروبيون فى غاية البياض ، والصينيون واليابانيون صفر الجلود ، والشماليون حمر الوجوه ، وكذلك الدواب والأنعام ، حتى فى الجنس الواحد ، والنوع الواحد ، وفى الحيوان الواحد قد تجتمع عدة ألوان. وقد يأتى الزرع على لون فى نضارته ، ثم يكتهل فيصفر ، فنعرف فى الحالين عن عمره كما عرفنا عن شكله ، وطعومه ، وروائحه ، ومنافعه ، من سابق لونه. وكل ذلك يذكره القرآن فى تفرّد ينشرح به صدر الذين آمنوا ، وويل للقاسية قلوبهم لا تلين لمشاهد الإيمان ،