تفرزها الأنثى فى الحشرات ، لتدل الذكور على مكانها ، فتتجه نحوها فلا تخطئها إلى غيرها حتى فى الظلام. ويفرز النحل موادا متطايرة فى مكان اللدغ لتمييز الشخص الذى تمّت مهاجمته ، فتطارده باقى أفراد الخلية. ولكل «خلية نحل» رائحتها المميزة فلا تضل عنها الشّغالات عند خروجها لجلب الغذاء ، فإذا عادت رقصت رقصات معينة تدل بها زميلاتها على مكان الغذاء. وكذلك يفعل النمل فيفرز إفرازات مميزة يحدد بها لزملائه خطوط سيره ويحذرهم بها ، وتتنوع الروائح وإشارات الحشرات والطيور والحيوان بتنوع أجناسها وأصنافها ، وفى العلم الحديث أمكنهم تصنيع بعض هذه الإفرازات لاستخدامها فى التمويه على الحشرات وتضليلها والقضاء عليها. والقرآن قد سبق العلم فى التنبيه إلى لغة الطير والحيوان والجماد ، فدلّ على أنه كتاب الله ، وأن من بلّغه هو النبىّ المرسل حقا من عنده تعالى.
* * *
١٤٠٠ ـ العيافة والطيرة والطرق شأنها شأن الحسد
الاعتقاد فى هذه الأمور ليس من الإسلام ، ولم تتنزّل المعوذتان إلا للحثّ على ترك الاعتقاد والعمل بهذه الخرافات ، ومنها «النفث فى العقد» ، و «السحر» ، فهذه أمور من باب الشّرك الخفى ، لأنها تجعل لله شركاء بوسعهم التأثير فى مقادير الناس. و «العيافة» : من عاف الطير أى حام ، والعيافة هى تردّده بين اليمين واليسار ، وهى زجر الطير بقصد التيمن أو التياسر أو التشاؤم أو التفاؤل ، فإن طار الطير إلى جهة اليمين تفاءلوا ، وإن طار جهة اليسار تشاءموا ، والطّيرة هى العيافة ، من طار وطائر ، فهى استخدام الطيور للتكهّن ؛ و «الطّرق» من ذلك ، وهو ضرب الحصى على سبيل التكهن ، كضرب الودع ، وضرب الرّمل ، وفى الحديث : «العيافة والطيرة والطرق من الجبت» ، وكل ما عبد من دون الله هو من الجبت ، ولذلك كان الاعتقاد فى ذلك من الشرك الخفى ، وكل هذه الطرق كالكهانة والعرافة ، ضد التوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر ، وفى الحديث : «من أتى عرافا فصدّقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما» ، ومثل ذلك تحضير الجان والأرواح ، وقراءة الفنجان والكفّ ، وقراءة النجوم ، وكلها من أعمال الشعوذة ، وقيل فى قراءة النجوم أنها علم وهى خرافة ، والعلم المتصل بالنجوم حقا هو علم الفلك ، وهو علم مندوب إليه ويقوم على الملاحظة والتجربة والاستنتاج ، وقد نهى الرسول صلىاللهعليهوسلم عن إتيان الكهّان أو تحضير الجان والأرواح. والعلم الحديث ينكر كل ما أنكره الإسلام من هذه الممارسات ، والنجوم يستحيل أن تؤثر فى الإنسان ، وكذلك الجان ، كقوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٤٢) (الحجر) ، وكل ذلك ضد المنهج العلمى وهو منهج