بصيده كالبط والحمام ، وما يربّى للاستعانة به فى الصيد كالصقور ، أو فى الاستدلال على أماكن الأسماك ، وبعضها يستعمل فى جمع الأسماك ، والبعض كالحمام الزاجل كان يستخدم فى إرسال الرسائل ، والبعض ـ كطائر البلشون ـ يفيد الفلاح فى الخلاص من الآفات الزراعية كالديدان والجرذان ، وبعضها يضرّ بالحاصلات ويستهلك منها الكثير كالعصافير ، وبعضها يصطدم بالطائرات ، وكانت العرب تتطيّر بالطيور : كقوله تعالى : (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) (٤٧) (النمل) ، والطّيرة تعنى التفاؤل والتشاؤم بالطير ، فكانوا يزجرون الطير ، فإن طار إلى اليمين تفاءلوا ، وإن طار إلى اليسار تشاءموا ، فنهى الرسول صلىاللهعليهوسلم عن ذلك وقال : «الطيرة شرك» ، وقال : «من رجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك» ، وفى القرآن : (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) (١٣١) (الأعراف) ، أى أن ما لهم وما عليهم إنما هو من قدر الله تعالى وليس بالتيامن أو التياسر للطير. ولعل أشهر الطيور فى القرآن هو «الهدهد» فى قصة سليمان ، كما فى قوله تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) (٢٠) (النمل) ، واسمه من هدهدة أو قرقرة صوته ، ويعرف بشدة البصر ، ولذا يقال فى الأمثال : «أبصر من هدهد» ، بزعم أنه يرى الماء تحت الأرض! وقصة الهدهد مع سليمان وملكة سبأ من أعاجيب القصص فى القرآن ، ومن أكثرها تعليما ودروسا مستفادة. وسبحان الخالق الذى تنوعت مخلوقاته كل هذا التنوع فى نوع واحد منها وهو الطيور ، فأكثر من أصنافها ، وعدّد فوائدها ، وهو الواحد الأحد لا شريك له فى خلقه وفى ملكوته ، وصدق قرآنه ونبيّه صلىاللهعليهوسلم.
* * *
١٣٩٨ ـ اختلاف الألوان كدليل ومعجزة
اللون من معجزاته تعالى ، وينبّه القرآن إلى تكوين الألوان وتميّزها ووظائفها فى آيات ينفرد بها عن التوراة والأناجيل ، حتى أننا لنلحظ ذلك بشدّة مما يوحى بأن كتبة التوراة والأناجيل ما كانت لهم دراية كلية بهذا الفرع من العلوم ، على عكس القرآن ، مما يجزم بأنه من لدن عزيز حكيم. وتظهر الألوان فى النباتات والطيور خاصة ، وعند الحيوان والإنسان ، وفى صخور الجبال ، ويخضع تكوينها لما يسمى بالصبغيات Pigments ، وهى موجودة فى الحيوان والأسماك والزواحف والإنسان تحت الجلد ، وفى الشعر ، وفى ريش الطيور ، وأصداف السلاحف والبحريات ، وفى قشريات الأسماك ، وصفاتها موروثة كما فى الزهور ، ويمكن التحكم فيها فسيولوجيا ، وللبيئة وتغيّر الفصول والمناخ آثارها الحتمية فيها كما فى الصخور ، وقد تتغاير الألوان بتغاير المزاج النفسى ومع الانفعالات ، وكل ذلك وغيره تشير إليه آيات القرآن ، كما فى قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ