وبالذيل ، ومنها أصوات كالتسبيح ، كقوله تعالى : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ) (٧٩) (الأنبياء) وهو تغريدها ، قيل تقول : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) (١) (التغابن) ، وتسخيرها أى أنه جعل التغريد من دأبها. والتسبيح مأخوذ من السباحة ، أو أن تنصاع لمطلوبات الله ، وهذا التغريد تأتيه كما الألوان فيها عند ما تزهو ، وكما يتجدد الريش ويغزر فى موسم التزاوج. وهذا التغريد هو تأويبها أيضا ، وهو التسبيح فى قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) (١٠) (سبأ) ، ومعنى تسبيح الجبال أنه تعالى خلق فيها مثلما يسمع من المسبّح ، وهو الصدى ، وكذلك فى الطيور ، وهو نوع منها يسمى الطيور المغرّدة ، وكان داود من دأبه أن ينفخ فى المزمار من فوق قمم الجبال ، فكانت الطيور تجتمع إلى الزمر وتصدح بأصواتها كما لو كانت تردد أنغامه. ومن الطيور ما هو عنيف ، وصوته حاد كالنفير فى الحرب ، كالنسور والصقور ، ويميل إلى القتال ، ويلجأ إلى الافتراس ، ولذا قال تعالى : (وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ) (٤١) (يوسف) ، وهذه هى الطيور الجارحة ، وتمثّل بها الله تعالى فقال : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) (٣١) (الحج) فجعل من الجوارح طائر الخطّاف الذى يتخطّف الأشياء ، وهو نوع هجّام ذو مخالب كالكلاليب ، ومنقار حاد ، ومن طبعه الشراسة والغدر ؛ وعلى عكس ذلك الطيور الداجنة ، أحلّها الله للإنسان وأفردها القرآن بالآية : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢١) (الواقعة) ، أى أنها تؤكل ، ولحمها حلال ، على عكس الطيور الجارحة. وينبّه القرآن إلى صنف رابع من الطير يسميه الأبابيل كقوله تعالى : (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) (٤) (الفيل) ، قيل هى خطاطيف الجبال ، وهى نوع كالوطاويط تعيش جماعات ، وقيل أبابيل يعنى جماعات ، وقيل مأخوذة من الإبل المؤبلة ، وهى الأقاطع ، أى الجماعات الكثيرة منها. والطيور رغم دقة تكوينها إلا أنها فى الأصل تطورت من الديناصورات منذ نحو مائة وخمسين مليونا من السنوات ، وأقدم حفرية لها هى الأركيوبتيريكس Archaeopteryx ، وكانت له بعض خصائص الزواحف مثل الأسنان ، والطيور الآن بلا أسنان ، وتقوم القانصة المستقرة قريبا من مركز ثقل الطائر بهذا الدور. وربما الطير الأبابيل التى تقذف بحجارة من سجيل هى من أمثال هذا الأركيوبتيريكس العملاق. وليس لحم الطير وحده هو المفيد للإنسان ، والمطلوب منه ، فالبيض أيضا مطلوب كغذاء ، والبيضة الواحدة من الدجاج تغنى عن عشرة جرامات من اللحم. ومن فوائد الطيور بخلاف ريش الزينة كما فى الطاوس ، الزرق ويستخدم كسماد ، وأشهره سماد الجوانو بسواحل بيرو ، من الطيور البرية ، وينتج منه سنويا نحو ٠٠٠ ، ٣٠ طن. ومن الطيور ما يربّى للزينة كالببغاوات ، ومنها ما يستمتع