العطاء الجارى دنيويا أو أخرويا ، والنصيب المقسوم للإنسان من الطعام والشراب واللباس ، والمال والأولاد ، والصفات الشخصية ، وفرص الحياة ؛ والرازق أو الرزّاق هو الله ، واهب الرزق ، ومعطيه ، ومقدّره ، ومسبّبه ، وموزّعه. والسماء : من سما يسمو أى يعلو ، فهى كل ما فيه العلو ، وكل ما يظلّك. والرزق الذى يأتى من السماء قد فهمه الأولون على أنه المطر الذى يسقى الزروع والحيوان والإنسان ، وهو يأتينا من الغلاف الموسوم باسم «نطاق التغيرات الجويةThe troposphere» ، ولم نعلم عن الإعجاز فى آيات «الرزق من السماء» إلا من العلم الحديث ، وصادق التفسير العلمى على أقوال القرآن ، فمثل ما الماء منه كل شىء حىّ ، فكذلك الهواء ضمن نطاق التغيّرات الجوية ، ويشتمل على غاز الأكسجين الذى نتنفسه ويتنفسه الحيوان والزرع ، وغاز ثانى أكسيد الكربون الذى تتنفسه النباتات ، وغير ذلك من الغازات. ويمتد هذا النطاق من سطح البحر إلى ارتفاع ستة عشر كيلومترات فوق خط الاستواء ، ويتناقص إلى نحو عشرة كيلومترات فوق القطبين ، وإلى أقل من سبعة أو ثمانية كيلومترات فوق خطوط العرض الوسطى. وتؤثر حركة دوران الأرض فى دورة الهواء ، وتنخفض درجة حرارته كلما ارتفعنا حتى تصل إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر فى القمة ، ولو لا انخفاض درجة الحرارة هذا لفقدت الأرض مياهها بمجرد اندماج أبخرة الماء إلى أعلى ليتكثف بالبرودة وينزل مطرا ، فيصنع فى الأرض البحار والأنهار والمحيطات ، ولو لا حركة التبخر والتكثيف لركد الماء فى الأرض وتعفّن ، ونزول المطر على الأرض يفتت صخورها ، ويسوّى سطح تربتها ويمهدها ، ويباين أنواعها ، ويركّز معادنها ، فتكثر الأرزاق وتتنوّع. ويغطى الماء ٧١ خ من مساحة الأرض ، وتبلغ كميته فيها نحو ٣٦ ، ١ مليار كيلومتر مكعب ، منها ٢ ، ٩٧ خ محيطات وبحار ، و ١٥ ، ٢ خ جليد فى القطبين وفوق الجبال ، و ٦٥ ، خ فى الأنهار والبرك والبحيرات. ومن هذا الماء يتبخّر سنويا ٠٠٠ ، ٣٨٠ كيلومتر مكعب ، تعود إلى الأرض أرزاقا من الأمطار العذبة النقية طاهرة ، أو تعود ثلجا وبردا. وتستمر دورة مياه الأرض كمعجزة من المعجزات فى دقتها وكمالها ، فيكون الزرع والحرث والحصاد ، ويكون الطعام والعمران والتكاثر ، ولو لا ذلك لقحلت الأرض وصارت جرداء. وكذلك الهواء الذى مصدره السماء فهو كالمطر ، والسماء المقصود بها السماء الدنيا ، ورزق السماء هو كل صور المادة والطاقة المتولّدة داخل النجوم بفعل الاندماجات النووية فيها ، فتتكون بها مختلف العناصر : كالبريليوم ، والحديد ، والفضة ، والذهب ، واليورانيوم ، والكربون ، والصوديوم ، والبوتاسيوم ، فإذا انفجر النجم تناثرت شظايا العناصر وتخلّفت فى الكون ، فتحملها الشهب والنيازك إلى الأرض ، ويصل منها إلى الأرض يوميا بين الألف