والعشرة آلاف طن ، من مادة الشهب والنيازك لتجدد إثراء الأرض بالعناصر المختلفة ، وتمثل هذه العناصر صورا من صور الأرزاق التى وعدنا بها من السماء ، وتوزع على الأرض بتقدير من الله ، موزّع الأرزاق سبحانه. فكم هى معجزة الآية : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (٢٢) (الذاريات).
* * *
١٣٩٧ ـ معجزة الطير فى القرآن
يذكر الطير فى القرآن ٢٩ مرة ، ولا يوجد فى التوراة ولا فى الأناجيل أى ذكر لمعجزة خلق الطير ، ولم ينبّه إلى هذه المعجزة إلا القرآن ، وما ذكره القرآن فى الطير هو معجزة علمية عن حق ، وفى الآية : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) (٣٨) (الأنعام) إشارة إلى أصناف الطيور والحيوان ، والدابة هى الحيوان ، والأمم العائلات التى تنتمى إليها ، وتخصيص الطيور بالأجنحة تأكيد وإزالة للإبهام ، فإن العرب تستعمل الطيران لغير الطيور ، فتقول للرجل : طر فى حاجتى ، أى أسرع ، فذكّر الله تعالى الطيران بالجناحين ليتمحض القول فى الطير ، وقيل إن فى أمريكا وحدها أكثر من ألف وأربعمائة نوع من الطيور ، وفى أوروبا أكثر من ألف نوع ، وفى الروسيا أكثر من ألف وخمسمائة نوع ، ولكل نوع خواصه ، وصفاته ، وعاداته ، وطرق تكاثره ، وهذا التصنيف نبّه إليه القرآن قبل ألف وأربعمائة سنة ، وقوله تعالى إن الطيران بالجناحين يلفت الانتباه إلى هذا الإعجاز فيها ، فالطيور مكيّفة للطيران ، سواء فى بنيتها ، أو فى وظائف أعضائها ، أو فى سلوكها ، وهى سيدة الأجواء لا شك فى ذلك ، وكان تطورها على مدى مائة مليون سنة وخمسين ، وقيل إن منها نحو تسعة آلاف نوع تنقسم إلى نويعات ، وتنتمى إلى نحو مائة وثمانين فصيلة ، تتبع نحو ثلاثين رتبة ، وتتفاوت فى أحجامها من أصغر الطيور وهو الطائر الطنّان ، ولا يزن سوى كيلوجرام واحد وثمانية من عشر من الكيلو جرامات ، وأكبر الطيور وهو النعام ، ويبلغ وزن الواحدة مائة وخمسة وثلاثين كيلوجراما. والطيور هى الأسرع فى المخلوقات ، فالفهد مثلا وهو أسرع الثدييات يعدو ثمانية عشر مثلا لطول جسمه فى الثانية ، بينما الزرزور الأوروبى يطير ثمانين مثلا ، وهو ما يقارب سرعة الطائرة عند ما تتجاوز الصوت! وينقض صقر الشاهين على فريسته بسرعة سبعين كيلومترا فى الثانية ، وتقطع العصافير المهاجرة ألف كيلومتر فى اليوم الواحد دون توقف!! وهذه الإشارة إلى إعجاز الطيران فى القرآن لم يكتشفه العلم إلا بعد تقدم علم الديناميكا الهوائية وصناعة الطائرات ، وتتفوق الطيور على الطائرات ، لأن مهمة الطيران فى الطائرات تؤديها آلتان ، الأولى