وزنه ماء ، وتقل هذه النسبة إلى ٩١ خ فى جسد الطفل الوليد ، ثم إلى ٦٦ خ فى جسد الفرد البالغ ، وتختلف نسبة الماء فى كل عضو من أعضاء جسم الإنسان باختلاف وظيفته ، وهى فى الرئتين ٩٠ خ ، وفى الدم ٨٢ خ ، وفى خلايا الدماغ ٧٠ خ ، فإلى هذا الحد تبلغ أهمية الماء للإنسان ، وبالمثل للحيوان والزروع ، ويستطيع الإنسان أن يعيش أسابيع عديدة بدون طعام ولكنه لا يستطيع العيش بدون ماء إلا بضعة أيام ، لأن الماء يدخل فى كل عملياته الحيوية : فى الهضم ، والإخراج ، والتنفّس ، وتجديد الدم ؛ ولا يفيد النبات من عناصر التربة بامتصاصها بدون عملية نتح وتنفّس ، أى بدون ماء. ولذا كانت هذه الآية المعجزة علميا والتى تلخص كل ذلك : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) (الأنبياء ٣٠). والماء سائل عجيب يوجد صلبا وسائلا وغازيا ، وله قدرة على إذابة الكثير من العناصر ، وعلى التماسك بسرعة ، والتكوّر على هيئة قطرات ، وعلى تسلق جدران الأوعية ، وهى الخاصية المعروفة باسم الخاصة الشعرية ، وبدونها ما كانت العصارات تصل إلى أعلى الأشجار ، ولا الدماء تصل إلى الرأس. وحرارة الماء النوعية عشرة أضعاف الحرارة النوعية للحديد ، وخمسة أضعاف الحرارة النوعية لرمال الشاطئ ، وله منحنى كثافة فريد ، فإذا ارتفعت درجة حرارته إلى أربع درجات مئوية يصل إلى أقل حجم له وأعلى كثافة ، وإذا انخفضت حرارته دون ذلك يتمدّد الحجم وتقل الكثافة ، ويفسّر هذا طفو الجليد على سطح المحيطات والبحار ، فيمنع تجمد الماء أسفله ، فتستطيع الكائنات البحرية أن تعيش فى الأعماق دون أن تتجمد. فهذا هو الماء الذى تنبّه إليه الآيات ، وخاصة الآية الجامعة : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) (الأنبياء ٣٠) ، وما كنا نعرف قدر ما فى هذه الآية من إعجاز لو لا العلم الحديث ، وسبحان الله الخالق العليم.
* * *
١٣٩٥ ـ لإعجاز العلمى فى قسمه تعالى بالهواء
يقسم الله تعالى بآياته المعجزة فى الكون ، ومن ذلك قوله : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) (١٨) (التكوير) ، والتنفّس هو : إدخال الهواء إلى الرئتين وإخراجه منهما ، والنفس : الهواء يدخل ويخرج من فم الحىّ فى الإنسان والحيوان ، وكذلك يتنفس النبات وكل شىء فى الوجود ، فليس هناك شىء إلا ويتنفس الهواء ، فحتى الجماد له عملية تنفس وإذا انبلج الصبح يقال إنه تنفّس ، فينقشع الظلام وينشق عن النور ؛ ويتنفس البحر فيزيد فى المدّ ، وينقص فى الجزر. والهواء غاز خفيف ، وفى الآية : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (٤٣) (إبراهيم) لأن الهواء لا ثقل له ، وهو معروف وشائع ، فضرب به المثل دليلا على تفاهة تفكيرهم. والهواء نعمة كبرى