باردة ، أو أن إحداهما تحمل شحنة كهربية موجبة والأخرى سالبة ، أو أن ما تحمله الريح من جسيمات عالقة تتداخل فى السحب فتعين على تكثف بخار الماء ، فينزل المطر بقطرات دقيقة أو كبيرة قد يزيد قطرها أحيانا حتى يبلغ من ٤ إلى ٨ ملليمتر ، وسبب هذه الضخامة أن الماء يعلق بالجسيمات السابحة وينمو بالتدريج عليها حتى يصل إلى تلك الأحجام.
* * *
١٣٩٤ ـ كل شىء حىّ من الماء
الماء ضرورة من ضرورات الحياة ، وهذه حقيقة معروفة قبل نزول القرآن وبعده ، فلو لا الماء لما كانت الأحياء. والماء جعله الفلاسفة الأولون عنصرا من العناصر الأربعة التى هى أصل الحياة ، لكن الغريب أن التوراة لم تشر إلى ذلك ، ولم يذكره المسيح ، ولا أوردت شيئا الأناجيل عنه ، إلا القرآن فإنه نوّه بالماء ثلاثا وستين مرة ، وأثبت أن السماء هى مصدر الماء ، إشارة إلى المطر ، وأن الله تعالى هو منزّل المطر بما هيأ له من الأسباب ، وفى القرآن عن الإحياء بالماء ، والإنبات به والإثمار ، والاغتسال ، قوله : (فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (البقرة ١٦٤) ، وقوله : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) (٩٩) (الأنعام) ، وقوله : (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) (٢٢) (البقرة) ، وقوله : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) (١١) (الأنفال) ، وقوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ) (١٠) (النحل) إشارة إلى الرى والسقيا ؛ ومن الماء المني الذى به التناسل ، كقوله : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) (٤٥) (النور) ، وقوله : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) (٥٤) (الفرقان) ؛ وقال : (أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) (٢٢) (الحجر) إشارة إلى دورة الماء بين السماء والأرض وتحوّله إلى سحاب تدفعه الرياح ، كقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) (٢٧) (السجدة) ، وقوله : (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ) (٢١) (الزمر) ، وقوله : (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) (١١) (الزخرف) إشارة إلى تفاوت كمية الأمطار والأرزاق تبعا لذلك ، بحسب تقدير الله تعالى. ويأتى وصف الماء بأوصاف عدة : فهو الماء المنهمر (القمر ١١) يعنى الذى ينزل مطرا بكثرة ؛ والماء المسكوب (الواقعة ٣١) أى المصبوب ؛ والماء الغور (الملك ٣٠) أى الذاهب فى الأرض ؛ والماء الغدق (الجن ١٦) كثير القطر ؛ والماء المهين (المرسلات ٢٠) أى الضعيف وهو النطفة ؛ والماء الفرات (المرسلات ٢٠) أى العذب ؛ والماء الثجّاج (النبأ ١٤) وهو الضباب المتتابع ؛ والماء الدافق (الطارق ٦) أى المتدفق بشدة. وكما ترى أن الماء معجزة بيّنها القرآن خير بيان ، ويحتوى جنين الإنسان على ٩٧ خ من