والسحاب آلة لإنزال الماء. ونزول المطر من السحاب من المعجزات الكبرى ، والأرض بما ينزل عليها من الماء أغنى كواكب المجموعة الشمسية به ، وماء المطر : (ماءً طَهُوراً) (الفرقان) وفيه قال ربّ العزة : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) (الأنبياء ٣٠) ، وخلق منه البشر (الفرقان ٥٤) ، وخلق كل دابة (النور ٤٥) ، وكانت المراعى (النازعات ٣١) ، وسلكه ينابيع فى الأرض وأنهارا (الزمر ٢١). وتقدّر كمية الماء فى الأرض : بحوالى ١٣٦٠ إلى ١٣٨٥ مليون مليون كيلومتر مكعب ، أغلبه فى البحار والمحيطات : ٢ ، ٩٧ خ ، وأقلّه ماء عذب : من ٠٥٢ ، ٢ إلى ١٥ ، ٢ خ على هيئة جليد فوق القطبين وعلى قمم الجبال ، والباقى مختزن فى الصخور : ٢٧ ، ٠ خ ، وفى البحيرات : ٣٣ ، ٠ خ ، وعلى هيئة رطوبة فى التربة : ١٨ ، ٠ خ ، وفى الغلاف الغازى للأرض : ٣٦ ، ٠ خ ، وأقل الماء فى الأنهار والجداول : ٠٠٤٧ ، ٠ خ. وهذا الماء الأرضى يخرج منها بالبراكين ، ويتوزع بحكمة بين الأرض والغلاف الغازى ، ولو لا دورة مياه المطر والسحاب والرياح لفسد ماء الأرض ، لوجود البلايين من الكائنات الحيّة فيه ، وكل ذلك يتم بقدر منضبط ، كقوله : (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) (١١) (الزخرف) يفى بمتطلبات الأرض والناس والدواب ، ويحفظ التوازن الحرارى على سطح الأرض فى مختلف الأماكن والفصول ، ولو زاد قليلا لغمر الماء الأرض وغطّى سطحها ، ولو قلّ لقصر دون متطلبات الحياة. ويتصاعد بخار الماء من أسطح البحار والأنهار والبرك وجليد الجبال ، ومن تنفّس الإنسان والحيوان ، ونتح النبات ، إلى الغلاف الغازى للأرض ، فتتناقص فيه الحرارة ، ويقل الضغط فيتكثّف البخار الصاعد على نوى الغبار العالق بالهواء ، ويتكون منه السحاب ، ثم يتكون المطر ، وهكذا يعود الماء إلى الأرض بعد أن يكون قد تطهّر وتصفّى. ويتبخّر من ماء الأرض ٣٨٠ ألف كيلومتر مكعب فى كل سنة ، أغلبها ـ قيل ٣٢٠ ألف كيلومتر مكعب ـ من أسطح البحار والمحيطات ، وأقلّها ـ قيل ٦٠ ألف كيلومتر مكعب ـ من أسطح اليابسة ، ثم تعود هذه الكمية إلى الأرض بمعدلات مختلفة ، قيل ٢٨٤ ألف كيلومتر مكعب تتنزل على البحار والمحيطات ، و ٩٦ ألف كيلومتر مكعب على اليابسة ، والفارق بين ما يتبخّر من الأرض وما يعود إليها ـ وهو ٣٦ ألف كيلومتر مكعب ـ يفيض منها إلى البحار والمحيطات. وقيل إن معظم المطر لا يأتى من السحاب ، إذ أن نسبة الماء فى السحاب لا تتعدى ٢ خ من الماء الموجود فى الغلاف الجوى للأرض (النطاق المناخى) ، وأن كمية الماء فى هذا الغلاف تقدّر بنحو ١٥ ألف كيلومتر مكعب ، ويوجد على شكل قطرات صغيرة أكبر من واحد ميكرون ، وتلتصق بالهواء للزوجتها ، ولا تسقط مطرا إلا بعد تلقيحها بامتزاج سحابتين ، إحداهما ساخنة والأخرى