لأن الحساب الفلكى عند العرب هو حساب قمرى ، فلم يكونوا يعرفون السنة الشمسية ، وإذا تساوى قدران من الزمان غير متكافئين فإن ذلك يدل على اختلاف السرعة فى أحدهما ، والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ، وطول الشهر القمرى هو مدار القمر حول الأرض ، وهو مسافة ٤ ، ٢ مليون كيلومتر ، فإذا ضربنا هذا الرقم فى اثنى عشر شهرا وهى السنة القمرية ، ثم ضربنا الناتج فى ألف سنة قمرية ، ثم قسمنا ذلك على ٢٤ ساعة٦٠ دقيقة٦٠ ثانية ، فإننا نصل إلى السرعة التى ينبغى أن تكون عليها الرحلة فى يوم الله ، وهى أعلى من سرعة الضوء ، وهذه حقيقة جديدة ، وتفسير علمى محض لآية من آيات القرآن لم يكن معروفا تفسيرها من قبل ، وسبحان الله الخالق العليم! والآية دليل آخر على أن القرآن كتاب الله ، وأن محمدا الذى بلّغه هو نبىّ الله ، وإلا ما كان يمكن أن يسبق إلى هذه الحقائق المذهلة والمعجزة.
* * *
١٣٩٣ ـ آية الرياح والمطر والسحاب
السحاب جمع سحب ، والواحدة سحابة ، وهى الغيم ، ويقال سحب ، وانسحب ، وسحّب أى تسلل وانقشع فى خفّه ؛ والسّحبة فضلة الماء ؛ والمطر هو ماء السحاب.
والآية : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٤٣) (النور) من الإعجاز العلمى فى كيفية تكوين السحاب ليكون منه المطر ، وهى حجة من حججه تعالى على وحدانيته وكمال قدرته ، و «الرؤية» فى الآية هى الرؤية بالفهم ، و «إزجاء السحاب» يعنى سوقه إلى حيث يشاء ، والسحاب يتكون من بخار الماء المتصاعد من الأرض ، فتدفعه الرياح ، وتجمعه ، وتؤلف بينه : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ) (٥٧) (الأعراف) ، وبتراكمه يصطدم ببعضه فتتواصل شحناته من الطاقة ، فيخرج منها البرق ، وينزل المطر مدرارا أو ودقا ، يفرغ ما فى السحاب من البخار ، وبعضه يكون بردا كالجبال ، تسوقه الرياح كسوقها للسحاب ، فإذا صادف الطبقة المحيطة بالأرض وهى أعلى حرارة تحوّل إلى ماء. والريح هى الهواء ، والجمع أرياح ، وهى أربع : الجنوب وهى القبلية ، والشمال وهى الشمالية ، والصبا وهى الشرقية ، والدبور وهى الغربية ؛ ومنها الريح الطيبة وهى الرخاء المطيرة ، وضدها الريح القاصف العاصف الصرصر العقيم ، وعلم ذلك هو علم تصريف الرياح : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ) (١٦٤) (البقرة) ؛ وريح النشور : التى تنشر السحاب المثقل بالماء فتمطره على مختلف البلاد ،