وفى قصة ذى القرنين كانت الشمس عذابا لأصحاب العين الحمئة لا ستر لهم دونها (الكهف ٩٠). وفى قصة ملكة سبأ كانوا يسجدون للشمس من دون الله (النمل ٢٤). والشمس فى الإسلام دليل على أوقات الصلاة ، والمسلمون يصلّون لدلوك الشمس أى زوالها (الإسراء ٧٨) ، ويسبحون بحمد ربّهم قبل طلوع الشمس وقبل غروبها (طه ١٣٠). فلكل ذلك أقسم الله تعالى بالشمس ، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.
* * *
١٣٨٢ ـ الليل والنهار آيتان
الليل والنهار آيتان على وجوده تعالى ووحدانيته وكمال علمه وقدرته ، والليل والنهار يقبلان ويدبران ، وينقص منهما ويزاد بحسب تقديره تعالى. وآية الليل هى القمر ، محاه الله تعالى ـ أى طمس ضوءه وترك نوره ، وجعل آية النهار ـ وهى الشمس ـ مبصرة أى مضيئة للأبصار ، لينام الناس فى الليل فيجدّدوا نشاطهم ، ويشتغلوا بالنهار. وأفضل نوم للإنسان هو نومه فى الليل ، وأفضل عمل هو عمله بالنهار. وبتوالى الليل والنهار يكون حساب الأيام ، والأسابيع ، والشهور ، والسنين ، ولو لا هذا التوالى لرفلت الأرض فى الظلام أو فى النور دوما ، ولما كان اختلاف الحرارة والمناخ والرطوبة ، والنتح فى النبات ، والتمثيل الضوئى ، ولما نزلت الأمطار ، وكان الصيف والشتاء ، والسحاب فى السماء ، والمدّ والجزر ، والرياح ، وتفتيت الصخور والتربة ، كقوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (١٢) (الإسراء). وقوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) (٣) (الفلق) هى ظلمة الليل تأتى بالمجهول ، ويسفر الشرّ فيها عن نفسه ، وانكماش الطبقة الحامية من الغلاف الجوى يكون للأرض ليلا ، فيكون توقّع الدواهى ، وتنفذ الإشعاعات المهلكة ، فتقضى على من يتعرّض لها ، وهذه الطبقة الحامية هى التى تحمل سكان الأرض من الظواهر الضوئية ليلا فتصلح الأرض كسكن للإنسان. وجعل الليل سكنا والنهار للسعى فى الأرض ، كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٣) (القصص) فسبحانه هو القدير ، وهو الكبير المتعال.
ويذهب العلم الحديث إلى تفسير لآية اختلاف الليل والنهار ، جديد تماما ، فيما يسمى ظاهرة الفجر القطبى ، وكانت هذه الظاهرة مصدر حيرة للعلماء حتى تبين أمرها بعد رحلات الفضاء ، فإنه تعالى قد جعل للأرض غلافا غازيا عبارة عن حزامين لحماية الحياة فيها يسميان «حزاما الإشعاع» ، وهما يرقّان رقّة شديدة عند القطبين ، ويسمكان سمكا