إلى طاقة حرارية ترفع درجة الإكليل إلى أكثر من مليون درجة ، ليصبح الإكليل مصدرا للأشعة الراديوية على الأطوال الموجية المختلفة ، ابتداء من الموجات المليمترية حتى الموجات الكيلومترية ، بما فى ذلك أشعة الميكروويف. وكذلك يصبح الإكليل مصدرا لأشعة إكس ، والأشعة فوق البنفسجية المهلكة والقاتلة ذات الطاقة العالية ، لو لا أن الله تعالى خلق طبقة الأيونوسفير فوق سطح الأرض بنحو مائة كيلومتر لامتصاص أشعة إكس القادمة من الشمس ، وكذلك خلق طبقة الأوزونوسفير فى طبقات الجو العليا ، والاستراسفوسفير ليقوم الأوزون بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية من النوع C ، ولو لا الأوزونوسفير لهلكت الأحياء على الأرض فى دقائق. فإذا قامت الساعة كوّرت الشمس (التكوير ١) ، أى انكمشت وتضاءلت فيذهب ضوؤها ، وتزول حرارتها ، وتجمع والقمر فلا ضوء للشمس ولا نور للقمر (القيامة ٩) ، ويسقطان وينتهى أمرهما. وفى الآية : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) (١٨) (الحج) ، تنصيص استلزمه أن الشمس كانت تعبد من دون الله ، فبيّن أنها مربوبة ومسخّرة لله ، والإسلام أبطل عبادة الشمس بقوله تعالى : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) (٣٧) (فصلت) ، وفى الحديث : «إن الشمس والقمر خلقان من خلق الله» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجة ، وعبادة الشمس كانت مع ذلك إقرارا بمخلوقيتها لله ، كقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (٦١) (العنكبوت) ، فجعلوا الشمس دليلا على وجوده تعالى وكانت الشمس ربّ إبراهيم فى مرحلته الأولى من البحث عن الله ، فهاله منها عظمها وإشراقها على الكون (الأنعام ٧٨) ، فلما آمن أنها لا تعدو أن تكون جرما ولا بد لها من خالق ، جعلها من أدلته على وجوده تعالى لمّا حاور «الذى كفر ، أى النمرود : (قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (٢٥٨) (البقرة).
وكانت الشمس من شدة تبجيل الناس لها كآية من آياته تعالى رمزا من رموز لغة الأحلام ، وفى رؤيا يوسف رأى الشمس والقمر ساجدين له (يوسف ٤) ، والشمس رمز الأبوة ، وهذه الرمزية مفطور عليها الإنسان وكانت فى عبادة القدماء لها ، وهى قوة من قوى الله وتقديسهم لها بهذا الاعتبار ،. والثابت أن الشمس فى الآخرة ينتهى أمرها تماما ، وفى الجنة لا شمس ولا زمهرير (الإنسان ١٣) ، والزمهرير هو المقابل للشمس فى الدفء. وكانت الشمس تزّاور عن أهل الكهف فى مرقدهم حتى لا تفسد أجسامهم بحرارتها (الكهف ١٧).