أعرضوا عن الفقراء بجنوبهم كواها الله لهم ، ولأنهم أسندوا ظهورهم لأموالهم من دون الله ، أذاها بالكى ، وخصّ الوجه والجنب والظهر بالكى فى جهنم ، لأن الكانزين يشيحون بوجوههم للفقراء فاستحق الوجه الكى ، فإذا سألوهم مالوا عنهم ، وإذا زادوهم فى السؤال ولّوهم ظهورهم ، فرتّبت العقوبة فى جهنم بحسب المعصية ؛ وكلما خبت نارها زيدت سعيرا (الإسراء ٩٧) ؛ وعليها رصد (النبأ ٢١) ، لا يدخلها داخل إلا يجتاز عليه أولا ؛ وهى معدّة مترصّدة للكافرين ومن على شاكلتهم ، وهم حصب جهنم (الأنبياء ٩٨) ، أى حطبها ، وكل ما يعبدون من دون الله من وقودها ، (غافر ٧٦). ونار جهنم لا زمان لها ، كقوله : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) (٢٥) (النبأ).
* * *
١٣٢٩ ـ أحوال أصحاب النار فى النار
أصحاب النار أو أهلها يخلدون فيها (البقرة ٣٩) ، ولهم عذاب مهين (النساء ١٤) ، يصلون نارا ، كلما نضجت جلودهم بدّلت غيرها ليذوقوا العذاب (النساء ٥٦) ، يلعنهم الله وعذابهم عظيم (النساء ٩٣) ، والمنافقون منهم فى الدرك الأسفل ليس لهم نصير (النساء ١٤٥) ، وإذا وقفوا على النار تمنوا لو يردون فلا يكذّبون بآيات الله (الأنعام ٢٧) ، كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ، ترهقهم ذلة (يونس ٢٧) ، حبط ما صنعوا فى الدنيا وكان باطلا (هود ١٦) ، يزفرون ويشهقون (هود ١٦) ويمشون مقرّنين فى الأصفاد ، سرابيلهم من قطران ، وتغشاهم النار (إبراهيم ٤٩ / ٥٠) ، يغاثون بماء كالمهل يشوى الوجوه (الكهف ٢٩) ، وتقطّع لهم ثياب من نار ، ويصبّ من فوق رءوسهم الحميم ، ويملئون به ، يصهر به ما فى بطونهم ، ولهم مقامع من حديد ، وكلما أرادوا أن يخرجوا من النار أعيدوا فيها ، وزادوهم عذاب الحريق (الحج ١٩ / ٢٢) ، وتلفحهم النار وهم فيها كالحون (المؤمنون ١٠٤) ، ويكبّون فيها (النمل ٩٠) ، ويغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم (العنكبوت ٥٥) ، ويذوقون من العذاب عذابين ، الأدنى دون الأكبر لعلهم يرجون (السجدة ٢٠ / ٢١) ، وكلما قلبت وجوههم قالوا يا ليتنا أطعنا الله والرسول ، وتعللوا بأنهم أطاعوا سادتهم وكبراءهم فأضلّوهم السبيل (الأحزاب ٦٦ / ٦٧) ، ويدعون عليهم (الأحزاب ٦٨) ، ويسحبون فى الحميم ، ويسجرون فى النار ، ويقال لهم أين شركاؤكم من دون الله؟ يقولون ضلّوا عنا! ويحشرون إلى النار فيوزعون ، ويشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ، فإذا سألوا جلودهم : لم شهدتم علينا؟ يجابون : أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء (فصلت ١٩ / ٢١) ، فيقال لهم : أذهبتم طيباتكم فى