١٣٢٨ ـ جهنم وخزنتها
يزعم المستشرقون أن اسم «جهنم» عبرى Ge ـ Hinnom ، وينطق Ghinnom ، ومعناه «وادى هنوم» ، وكأنما «جيهينوم» العبرية تساوى «جهنم» العربية ، وأن القرآن أخذ الكلمة من التوراة ، والصحيح أن الكلمة أرامية ، وكانت اسم الوادى الذى يمر إلى الجنوب والغرب من مدينة القدس ، ويستعمل كمقلب زبالة توقد فيها النار ؛ ولم يعرف الاسم كمرادف للجحيم إلا فى إنجيل لوقا عند النصارى ، الباب التاسع ، العبارات ٤٢ و ٤٤ و ٤٦ ؛ ويعرّف لوقا الجحيم : بأنها «النار الأبدية» ،. كذلك يأتى فى رسالة بطرس الثانية ، قوله : الذين أخطئوا أهبطهم إلى أسافل الجحيم (٢ / ٤) ، وهذا هو كل ما ورد عن الجحيم «فى التراث اللاهوتى اليهودى والنصرانى! فى حين أن القرآن وردت به اللفظة ٧٧ مرة فى ٧٧ آية ، وتعرّضت الآيات لأوصاف جهنم تفصيلا ، وأوصاف أصحاب جهنم وخزنتها ، فكيف يكون إذن أن القرآن استعار أو «سرق» الاسم من الكتب القديمة ، سواء اليهودية أو النصرانية؟! ولم يصف لنا أىّ من هذه الكتب القديمة «جهنم» ، فى حين أسهب القرآن فى وصفها ، ومن يعرف أكثر فهو الأصدق! وجهنم فى القرآن : بئس المصير (آل عمران ١٦١) ؛ وبئس المهاد (آل عمران ١٩٧) ؛ ومن يدخلها يخلد فيها (النساء ٩٣). وطريقها طريق أهل الكفر والظلم (النساء ١٦٩) ؛ وهى دار البوار (إبراهيم ٢٨) ؛ ولها سبعة أبواب ، لكل باب جزء مقسوم من الخطاة (الحجر ٤٤) ، وكلما تخبو تزاد سعيرا (الإسراء ٩٧) ؛ وفيها شجرة يقال لها الزقوم ، تخرج فى أصل الجحيم ، وطلعها كأنه رءوس الشياطين (الصافات ٦٢ ـ ٦٥) ، وهى طعام الأثيم ، كالمهل يغلى فى البطون (الدخان ٤٤ ـ ٤٥) ؛ وكلما ألقى فيها من المجرمين يسألها خزنتها : هل امتلأت؟ فتقول : هل من مزيد؟ (ق ٥٠) ؛ ويوضع المجرمون فى السلاسل ، طول الواحدة سبعون ذراعا ؛ واللّظى من دركاتها ؛ ومن صفاتها أنها نزّاعة للشوى ؛ وبها أنكال ، وطعام أهلها غصّة (المزمل ١٢ ـ ١٣) ، وأهلها يسقون من ماء صديد (إبراهيم ١٦) ، وظلها من ثلاث شعب ، لا ظليل ، ولا يغنى من اللهب ؛ وشررها كالقصر ، كالجمالات الصفر (المرسلات ٣٠ ـ ٣٣) ؛ ويوم القيامة تبرز للناس (النازعات ٣٦) ؛ ونارها الأشد حرّا (التوبة ٨١) ؛ وهى المهاد والمستقر والمأوى لأهل الكفر (آل عمران ١٦٢) ؛ وهى ملجأ كل خبيث (الأنفال ٣٧) ؛ وفى نارها يحمى على الأموال المكنوزة ، فتكوى بها جباه وجنوب الكانزين وظهورهم (التوبة ٣٥) ، والكىّ هو الصاق الحار من الحديد والنار بالجسم حتى يحترق الجسد ، وأشهر الكى وأشنعه فى جهنم ما كان فى الوجه ، وآلمه وأوجعه ما كان فى الظهر ، فلأنهم لم يطلبوا غير المال يكنزونه وتوجهوا إليه ، تشاه وجوههم ، ولأنهم