تعالى : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) (٣١) (المدثر) ، فاستقل بعضهم العدد ، وذهب إلى أن عدد الملائكة أصحاب النار تسعة عشر ألف ملك ، فذلك معقول أكثر ، فكانت فتنة ، فكيف لا تحرقهم النار؟ غير أنهم فى الآية ملائكة وليسوا بشرا ، تأكيدا لاستحالة مغالبتهم ، واستحالة أن يتأثروا بالنار ، وأن تأخذهم بالمعذّبين رأفة ورحمة ، فالذى صدّق أنهم تسعة عشر فقط كان من المؤمنين ، وأهل الكتب لم يداخلهم الشك ، ربما لأنه لا يعنيهم العدد ، وأهل الجحد والمراء هم الكفّار. وقال البعض إن مسألة الملائكة أصحاب النار تسعة عشر إنما هى «مثل» ضربة الله وساقه تهويلا ، لأن الموت مكلف به ملك واحد ، فكيف إذا كان المكلّفون تسعة عشر ملكا! و «المثل» لاختبار الإيمان ، وتصنيف الناس حسب تصديقهم وإنكارهم ، والأمر لله من قبل ومن بعد ، فهو العارف بجنوده وكم يكون عددهم ، وما يحتاج سبحانه إلى أعداد ، والواقعة إنما تذكرة لهم ليعلموا أنه تعالى قادر قدرة مطلقة ، وأنه الذى يعين وينصر ، ولا يعان ولا ينصر ، وجنوده يأتمرون بأمره وهو خالقهم. والبهائية قدّسوا العدد تسعة عشر ، وقالوا أن السنة تسعة عشر شهرا ، والشهر تسعة عشر يوما إلخ. وقيل إن آية أصحاب النار التسعة عشر من المتشابه من القرآن ، ومتبعو المتشابه لا يخلو أن يتّبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك فى القرآن وإضلال العوام.
* * *
١٣٢٧ ـ حجرا محجورا قول الملائكة للمجرمين يوم القيامة
يوم القيامة يرى الناس جميعا الملائكة ، فيتلقون المؤمنين بالبشرى ، ولا بشرى للمجرمين ، كقوله : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (الفرقان ٢٢) ، أى يقولون : «حراما حراما» ، يعنى الجنة حرام على المجرمين ، محرّمة عليهم. وصارت «حجرا محجورا» مثلا ، فإذا التقى الرجل من يخافه قال : «حجرا محجورا» ، أى حراما عليك التعرّض لى ، بمعنى حجرت عليك ، أو حجر الله عليك ، كقول القائل سقيا ، ورعيا. وقيل : قد يكون «الحجر» من قول المجرمين ، و «محجورا» من قول الملائكة ، فإذا التقى المجرمون بالملائكة يوم القيامة ، قال الأولون : «حجرا» ، يعنى نعوذ بالله منكم أن تبشّرونا بالنار ، فيردّ عليهم الملائكة : «محجورا» أى مستحيل أن تعاذوا من شرّ هذا اليوم ومن النار.
* * *