تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٧) (الأعراف). والسؤال يثقل عن المسألة ، لأنه صلىاللهعليهوسلم لا يعلم الساعة ، ولا يظهر علاماتها إلا الله تعالى ، ولا تأتى إلا بغتة ، وما كان لهم أن يسألوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم وكأنما هو يعلمها ، وأنه الحفىّ العالم بها ، والمستقصى فى السؤال عنها ، وكان إلحاحهم فى سؤاله لأنهم قالوا بيننا وبينك قرابة ، فأسرّ إلينا بوقت الساعة. وكان الجواب : (عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) ، تأكيدا لما سبق : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) ، ليس من باب التكرار ، وإنما أحد العلمين لوقوعها ، والآخر لكنهها.
* * *
١٣٠٦ ـ علامات الساعة عشر
فى التنزيل : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦٣) (الأحزاب) ، والآية إثبات بأنه لا يعلم الساعة إلا الله ، وقيل إن النبىّ صلىاللهعليهوسلم يعلم علاماتها ، وقيل من يعلم علاماتها فقد علم وقتها. وهذا مخالف للآية ، وليس فى ذلك طعن فى نبوته ، لأنه ليس من شرط النبىّ أن يعلم الغيب ، كقوله : (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) (الأنعام) ، وقوله : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) (الأعراف). وقوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ) أى وما يعلمك ، يعنى أنه لا يعلم الساعة يقينا ، إلا أنها ربما تكون قريبة ، كقوله : (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) ، أى فى الزمان القريب. غير أن بعض أحاديث آخر الزمان فيها أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم يعرف علامات الساعة ، وأبو هريرة هو ناقل هذا الحديث ، يقول : «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعوتهما واحدة ؛ وحتى يبعث دجّالون كذّابون ، قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ، وحتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج ـ وهو القتل ، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض ، يهمّ ربّ المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه عليه فيقول : لا أرب لى به ؛ وحتى يتطاول الناس فى البنيان ، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتنى مكانه! وحتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت فى إيمانها خيرا. ولتقومن الساعة ، وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ؛ ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن نفحته فلا يطعمه ؛ ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه ؛ ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها» ، وكل هذه العلامات عادية ومتوقعة ، ولا تدّعى العلم بالغيب أو العلم بالساعة ، والحديث على ذلك ضعيف لأنه لا يضيف جديدا ولا يخبر عن غيب. وفى الرواية عن أبى هريرة