الرجل أقاربه ، وأولى الناس بدفن الزوجة محارمها ، ثم الزوج ، ثم أهل الدّين ، ويستحب دفن الشهيد وقتيل الحرب حيث قتل ، ولا ينقل الميت إلى بلده إلا لغرض صحيح أو ضرورة. وإن مات الميت فى سفينة مبحرة ، انتظروا أن يصلوا ميناء مدة يوم أو يومين ، فإن خافوا الفساد غسّلوه وكفّنوه وحنّطوه وصلّوا عليه ، وأثقل بشيء وألقى فى الماء. ويدفن الشهيد بثيابه ـ وليس هذا بحتم. ومن فاتته الصلاة على الميت فى المسجد فله أن يصلى عليه قبل أن يدفن ، وتعاد الصلاة عليه قبل الدفن جماعة أو فرادى ، فإذا دفن صلى عليه على القبر. ويجوز الدفن ليلا كالنهار ، والنهار أفضل ، وإن دفن من غير غسل أو إلى غير القبلة ، يجوز نبش القبر واستخراج الجثة لغسلها ، ثم تدفن وتوجّه إلى القبلة ، إلا أن يخاف أن تتهرّأ الجثة ، فتترك مكانها.
* * *
١٢٩٢ ـ زيارة القبور ، وقبر الرسول صلىاللهعليهوسلم
زيارة القبور ، كما فى قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢) (التكاثر) ، من شواغل المباهين بالكثرة فى المال والعيال ، وكان أهل الجاهلية يفتخرون بالأموات ؛ وفى اللغة يقال لمن مات : «قد زار قبره» ؛ وفى الآية وعيد لمن اشتغل بالدنيا حتى ليزور قبره ، والمقابر جمع مقبرة ، والقبور جمع قبر ، وزيارتها فى الطب النفسى لا ينصح بها لمن يشكو اضطرابات نفسية ، فقد تتحول الزيارات إلى هوس بالقبور ، وبالموتى ، وشغل بهما ، وهو ما يسمى necrophilia ، فإذا كانت الزيارات للقبور من باب التأسّى فإنها تلين القلب القاسى بالتذكير بالأعزاء من الموتى ، وعند الذين يخشون الله فإنها تذكّر بالآخرة ، ويحمل ذلك على قصر الأمل ، والزهد فى الدنيا. وفى الحديث : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروا القبور فإنها تزهّد فى الدنيا وتذكّر الآخرة» أخرجه ابن ماجة ، وفى الحديث عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعن زوّارات القبور ، يعنى النساء ، وكأنه صلىاللهعليهوسلم كره لهن زيارتها لقلة صبرهن ، وكثرة جزعهن ، ومع ذلك فالرخصة كما وردت فى الحديث للرجال والنساء ، وقوله صلىاللهعليهوسلم «زوروا القبور» تعمّ الرجال والنساء طالما أن الزيارة للاعتبار ، وفيها المشاهدة والمعاينة لمن يقصد وجه الله وإصلاح فساد قلبه ، ونفع الميت بتلاوة القرآن والدعاء ، وإلا فالزيارة مكروهة. وللزيارة آداب منها : تجنّب المشي على المقابر والجلوس عليها ، والسلام على الموتى ، والتأمّل لما آلوا إليه ، وصيرورتهم تحت التراب ، وانقطاعهم عن الأهل والأحباب ، وربما كان منهم قوّاد الجيوش ، وعباقرة العلماء ، وأصحاب المناصب والأموال ، حتى جاءهم الموت لم يحتسبوه ، وهبط عليهم الهول لم يرتقبوه ، ويفكّر الزائر