القيامة» ؛ وعنه صلىاللهعليهوسلم : «إن الميت يتكلم على الجنازة والناس يحتملونه على أعناقهم ، فإن كان صالحا قال قدّمونى قدّمونى ، وإن كان غير صالح قال يا ويلتا ، أين يذهبون بى؟ ويسمع صوته كل شىء إلا الإنسان». وقال عن موت الفجأة الذى يقع بغتة : «أكره موت الفوات» ، لأن فيه يحرم من أن يوصى. وقال فى الأموات : «لا تسبّوا الأموات» إلا الأشرار.
* * *
١٢٩١ ـ الدفن
الدفن من ملحقات الموت ، وهو مواراة الميت فى التراب ، كقوله تعالى فى قصة قابيل وهابيل : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ) (٣١) (المائدة) ، فكان هابيل هو أول ميّت من بنى آدم ، ولذلك جهلت سنّة المواراة ، فكان الغراب مبعوثه تعالى للبشر ليريهم كيفية الدفن أو المواراة ، كقوله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) (٢١) (عبس) ، والإقبار هو الدفن ، وصار فعل الغراب فى المواراة سنّة باقية فى الخلق ، فرضا على جميع الناس على الكفاية. والأعم عند البشر مواراة الميت فى القبر ، والقبور تعمّق إلى الصدر ، والأفضل بقدر القامة وبسطة ، ويستحب تحسين القبر وتوسيعه ؛ والسنّة أن يلحد قبر الميت ، ومعنى اللحد أنه إذا بلغ أرض القبر حفر فيه من جهة القبلة مكان يوضع الميت فيه ، فإذا لم يكن اللحد شقّ له فى الأرض ويسقف عليه. ويوضع الرأس عند رجل القبر ، والجسد على الجنب الأيمن مستقبل القبلة بوجهه ، وتوضع لبنة أو حجر تحت الرأس كالوسادة ، ويدنى من الحائط حتى لا ينكب على وجهه ، ويسند من ورائه بتراب حتى لا ينقلب ، ثم ينصب عليه اللبن ، ويسد بالطين أو بالجبس والرمل حتى لا يصل التراب إليه ، ثم يحثى على القبر ثلاث حثيات ، ويقال عند وضعه : «بسم الله وعلى سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. اللهمّ أجره من الشيطان ، ومن عذاب القبر ، وجاف الأرض عن جنبيه ، وصعّد روحه ، ولقّه منك رضوانا». وإذا فرغ من اللحد أهيل عليه التراب ، ويرفع القبر قدر شبر عن الأرض ليعرف أنه قبر ، ويرش عليه ليلتزق التراب ، وتسنيمه أفضل ، ويكره التسطيح ، ولا يكره الوقوف على القبر بعد الدفن للدعاء للميت. وإذا دفنت الجماعة فى القبر الواحد ، قدّم الأفضل منهم إلى القبلة ، ثم الذى يليه على حسب تقديمهم فى إمامة الصلاة ، ويجعل حاجز من التراب بين كل اثنين ، أو يجعل رأس أحدهم عند رجل الأخر ، وإذا كانت الجماعة رجلا وامرأة وصبيا فى قبر واحد ، جعل الرجل مما يلى القبلة ، والمرأة خلفه ، والصبى خلفهما ، وبين كل اثنين حاجز من التراب ، ولا يدفن اثنان فى قبر واحد إلا لضرورة. والدفن فى مقابر المسلمين أفضل ، وحيث يكثر دفن الصالحين والشهداء وفى البقاع الشريفة ، وأولى الناس بدفن