الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) (الدخان ٣٥) ، وعندهم أن الموت نهاية للحياة ولا حياة بعد هذه الحياة ، ومن القائلين بذلك الماديون وأخصّهم ماركس ، والليبراليون والعلمانيون والوجوديون ، ومن أقوال هايدجر فى كتابه : «الوجود والزمان» ، والدكتور عبد الرحمن بدوى فى كتابه «الزمان الوجودى» : أنه لا وجود خارج هذا الزمان ، وأن الموت هو خاتمة الحياة ، ونهاية كل موجود ، وبعد ذلك العدم!
* * *
١٢٨١ ـ الموت موتتان والحياة حياتان
فى الآية : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (غافر ١١) ، وفى الآية الأخرى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (الدخان ٥٦) ، أن هناك رأيين أو جماعتين إزاء الموت ، فالجماعة الأولى قالوا إن الموت موتتان ، والجماعة الثانية أكدوا أنه لا توجد إلا موتة واحدة ، فأيهما صحيح؟ فأما الجماعة الأولى فقولهم فيه تجاوز ، وهؤلاء هم أهل الفكر ، يعتبرون أن العدم موت ، فقبل أن تكون لنا الحياة فى الدنيا كنا موتى وإن كنا موجودين بالإمكان ، إلا أننا لم نوجد بالفعل إلا فى الحياة الدنيا ، وإذن فقبل الحياة الدنيا كانت حياة أولى هى حياة الإمكان ، ولم يكن ثمة موت ، وفى الحياة الدنيا كانت الموتة الأولى ولم يكن بعدها ثمة حياة ؛ وأما الجماعة الثانية فإنه مع البعث كانت الحياة الثانية ، ولكنها بالنسبة للمغضوب عليهم والضالين والمنكرين والمبطلين والملحدين ليست كالحياة ، وإنما هى موت فى الحياة ، فهم فى النار موتى وإن كانوا أحياء ، وكذلك الكفرة فى الحياة الدنيا موتى وهم أحياء ، ثم هم موتى بالفعل من هول العذاب فى النار فى الآخرة ، بينما المستضعفون والمضطهدون أحياء فى الدنيا وإن كانت معيشتهم معيشة الموتى ، وهم فى الآخرة أحياء بالفعل بما ينعمون من خيرات فى الجنة. وقيل : الموت موتتان ، لأنهم أميتوا فى الدنيا ثم أحياهم فى القبور للمسألة ، ثم أميتوا ، ثم أحيوا فى الآخرة ، فهاتان موتتان وحياتان. وقيل كانوا أمواتا فى أصلاب آبائهم ، ثم أحياهم بالخلق ، ثم أماتهم موتة الدنيا ، ثم أحياهم للبعث والقيامة ، فهاتان حياتان وموتتان. وقيل خلقهم فى ظهر آدم ، ثم أخرجهم وأحياهم وأخذ عليهم الميثاق ثم أماتهم ، ثم أحياهم فى الدنيا ثم أماتهم. وقيل أحياهم فى الدنيا ثم أماتهم ، ثم يحيهم يوم القيامة ، ثم إنهم يطلبون أن يحييهم للدنيا مرة أخرى ، فيعملون صالحا ، ثم يميتهم ، فهاتان الحياتان والموتتان.
* * *
١٢٨٢ ـ الموت ثلاث موتات
فى الآية : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة ٢٨) أن