الباب الثانى عشر
الموت والساعة والقيامة والجنة والنار
١٢٧٩ ـ ملك الموت
عزرائيل هو ملك الموت الموكول به البشر حين انقضاء الأجل ، كقوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (السجدة ١١) ، والاسم عزرائيل هو اسم الوظيفة التى يشغلها ، وقيل هو اسم توقيفى ، وقال آخرون هم اسم سريانى الأصل ، ويتكون من مقطعين ، الأول عزرا ويعنى المعاون ، وإيل أى الرّب ، فهو معاون الربّ ، ويرد معناه خطأ فى كتب التفسير العربية «عبد الله» ، والمقابل لعبد الله بالعبرية هو إسرائيل ، وليس عزرائيل. وفى الحديث أن : «البهائم كلها يتوفى الله أرواحها دون ملك الموت» ، يعنى أنها تعدم الحياة ولا تفتضّ لها أرواح. وقيل : كل حىّ له روح ، وجاء من روح ، وعزرائيل موكول به قبض الأرواح سواء للبشر أو لغيرهم. ويبدو أن اصطلاح «عزرائيل» يعنى المؤسسة الربّانية الموكول بها قبض الأرواح ، لأنه فى الآية : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (الزمر ٤٢) ، أن الموت بيد الله ولكنه بحسب الآية السابقة : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) (السجدة ١١) فإن عزرائيل هو الموكول بذلك من الله ، فما من نفس إلا ويقبضها بأمره. والأنفس هى الأرواح. وكذلك فى الآية : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) (الأنفال ٥٠) ، والآية : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) (الأنعام ٦١) ، أن الملائكة أو رسل الله تعالى يعاونون فى هذه المهمة ، فكأننا فعلا إزاء مؤسسة ، وبذلك يستقيم المعنى وتتوافق الآيات ، فلما كان ملك الموت يتولى ذلك بالوساطة والمباشرة ، أضيف التوفّى إليه ، ثم إلى الملائكة ، والناس مع ذلك إذا ذكرت الموت لا ينسبونه إلى عزرائيل ، ولا إلى الملائكة ، ويكتفون بذكر أسباب الوفاة من مرض أو غيره ، ولا يذكرون عزرائيل بسوء.
* * *
١٢٨٠ ـ الموتة الأولى
الموت يجرى على الخلق مرة واحدة ، كقوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (الدخان ٥٦) ، لأنه بعد البعث فلا موت وإنما حياة أبدية ، ومن جعل الحياة بأجل قادر على أن يجعلها أبدية ، وإذن فلا موت إلا موتة الدنيا ، وهى الموتة الأولى والأخيرة ، على الاستثناء المنقطع ، وإلّا بمعنى سوى. والموت عرض لا يذاق وإنما جعلته الآية كالطعام الذى يكره ذوقه ، واستعير فيه لفظ الذوق.
والمنكرون للبعث يقولون ببرهان الموت لنفى البعث ، كقوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا