بالتسجيل اليومى للأحداث ، ومتعلّق الحدث فى اليوميات بالزمن. وكذلك ينقص الساميون الإحساس بالتاريخ ، وكتاباتهم فيه قليلة. والمستشرقون كاذبون فيما يخصّنا نحن أصحاب لغة القرآن ، فليس أكثر من المؤرخين ومؤلفات التاريخ واليوميات عند العرب ، وينفرد القرآن بمصطلح له دلالته الكبيرة عن الزمن ، وهو مصطلح «الساعة» ، وفى القرآن علم هو «علم الساعة». ومصطلح الساعة كمصطلح الزمن لا يوجد حقيقة فى التوراة جميعها ، ولا فى الأناجيل ، ويتكرر فى القرآن ٤٨ مرة ، و «الساعة الصغرى» فيه هى هذه الساعة التى نعرفها بالدقائق والثوانى ، كقوله تعالى (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف ٣٤) ، وقوله : (يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) (الروم ٥٥) ، وقوله : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) (الأحقاف ٣٥). وقد تعنى الساعة الوقت عموما ، كقوله تعالى : (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) (التوبة ١١٧) ، وقد تكون الإشارة إلى «الساعة الكبرى» أى يوم القيامة ، كقوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) (غافر ٤٦) ، وقوله : (يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ) (الشورى ١٨) ، وقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) (النازعات ٤٢). واليوم : مصطلح من مصطلحات الزمن فى العربية وفى غيرها ، ويتألف من ليل ونهار يقسمانه مناصفة ، وقد يطول النهار ويقصر الليل أو العكس بحسب الفصول ، وبسبب الحالة الوجدانية ، فليل المحزون طويل نسبيا. والزمن : منه الزمن الحسىّ ، كتحديدك ليوم الجمعة ، ومنه الزمن المعنوى ، كأن تقول يوم الحسرة ، واليوم العصيب. والنهار : ينقسم إلى فجر ، وضحى ، وظهر ، وعصر (البقرة ١٨٧ ، والمدثر ٣٣ ، والضحى ٢) ؛ والليل : ينقسم إلى مغرب ، وعشاء ، وغسق. والنهار والليل ، يحسبان بالساعات ، ويعدّان (يونس ٦) ؛ وكذلك الشهر والشهور (التوبة ٣٦) ، والسنة والسنوات (يونس ٥). وتقسيم بداية النهار إلى فجر ، وفجر كاذب وصبح وضحى لا تعرفه اللغات الآرية ، وكذلك تقسيم وسط النهار إلى ظهر وعصر ، وأول الليل إلى مغرب ، وعشاء. والعصر فى القرآن يرادف الزمن والدهر. وهذه الأسماء تخلو منها اللغات الآرية ، وعلى ذلك فالعربى ، ومن ثم المسلم ، يدرك إدراكا رهيفا الزمن بطوله وأقسامه ، ومدلولات هذه الأقسام ، ويعيشها كاملة. وعند اليهود والنصارى لا فرق بين الزمن والوقت ، فكلاهماTime ليس غير. فأى الأجناس إذن لا يحس الزمن ـ العرب أم الآريون؟ ومن الزمن عند العرب السرمد (القصص ٧١) ، والأزل ، والأبد (البينة ٨) ، وليس عند الآربين شىء من ذلك ، لأن لفظةeternity لا تعنى عندهم بالضبط «الأبد» ، مثلما فى القرآن كقوله تعالى : (ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) (٣) (الكهف) ، فالأبد استمرار الوجود فى أزمنة غير متناهية من المستقبل ، فالأبد فى القرآن دوام الوجود فى المستقبل ، والأزل هو دوام الوجود فى الماضى ،