مُسْتَقِيمٍ) (الشورى ٥٢) ، وقوله : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء ٩) ، ومعناها حينئذ الدلالة على ما يوصّل إلى المطلوب ، أو التعريف على الطريق ، أو الدعوة إلى الإيمان والطاعة ، وإيضاح السبيل الراشد ، والزجر عن طريق الغواية ، وذلك هو المسمى توفيقا ، كقوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (فصلت ١٧). ومن كل ما سبق فإن الهدى والهداية يستعملان إما بالمعنى اللغوى العرفى المشهود ، وإما بالمعنى الشرعى. والإضلال يقابل الاهتداء ، والضلال يقابل الهدى.
* * *
١٢٧٦ ـ الهوى فى القرآن
قال ابن عباس : ما ذكر الله هوى فى القرآن إلا ذمّه. والهوى : إرادة النفس وميلانها إلى ما تستلذ ؛ والجمع أهواء. وفى القرآن يأتى الهوى ست مرات ، كقوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (الجاثية ٢٣) ، وقوله : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) (القصص ٥٠) ، وقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (النجم ٣) ، ويأتى عن الأهواء : سبع عشرة مرة ، كقوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (المائدة ٤٨) ، (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) (الرعد ٣٧) وفى الحديث قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» ؛ وقوله : «ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى الله من الهوى» ، وقوله «والفاجر من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله» ، وقوله : «إذا رأيت شحّا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذى رأى برأيه ، فعليك بخاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة» ، وقوله : «ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ؛ فالمهلكات : شحّ مطاع ، وهوى متّبع ، وإعجاب المرء بنفسه» ، وقال بعض أهل الله : إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه ، فإن كان عمله تبعا لهواه فيومه يوم سوء ، وإن كان عمله تبعا لعلمه فيومه يوم صالح. وقالوا : هواك داؤك ، فإن خالفته فدواؤك!
* * *
١٢٧٧ ـ الوقت والساعة واليوم والشهر والسنة
إدراك الزمن والروح الإسلامية
المستشرقون والفلاسفة خصوصا ، على القول : بأن إدراك الساميين للزمن إدراك عام ، وأنهم يجهلون الخصوصية فى الزمن ، وليست كذلك الروح الآرية. ودراسات هؤلاء يحددها البغض لليهودية ، وأدرجوا المسلمين عامة ، والعرب خاصة ، مع اليهود فى القول بعمومية الزمن كنقيصة فى الروح السامية ، وقالوا إن اصطلاح «الزمن» لا يوجد أبدا فى التوراة ، ولا فى الأناجيل ، وكذلك قالوا إن الساميين لم يعرفوا «أدب اليوميات» ، وهو المعنىّ