هو الآمر الخلقى The moral imperative. وكل قضايا القرآن بلا استثناء من المعقولات ، يعنى أنها تطابق العقل ، على عكس قضايا التوراة فإنها قضايا إلزامية قسرية تنافى العقل. وأيضا فإن قضايا الأناجيل ورسائل الرسل كلها فوق العقل ، يعنى ليست من المعقولات ، ولذلك لا يمكن أن تلزم العقلاء ، وانظر مثلا إلى وعد التوراة لليهود وعدا ملزما مع عدم استحقاقهم له ، وإلى إصرار النصارى على القول بأن المسيح ابن الله ، وأن له طبيعة إلهية مع أنه عاش كبشر. وهذا الفارق بين الديانات الثلاث هو الذى يجعل للعقل مكانة خاصة عند المسلمين ، وهو عندهم آلة تمييز ، وغريزة ، وقوة على المعرفة ، ونور ، وبصيرة ، وصفة يتأتّى بها درك الله تعالى من أسبابه فى الكون ، ونستنبط كل ذلك من آيات القرآن ، كآية التوحيد مثلا التى تقول : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (البقرة ١٦٣) ، قيل لمّا نزلت هذه الآية ، تساءل كفّار قريش ، قالوا : هل من دليل على ذلك؟ فأنزل الله : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة ١٦٤) ، وكأنهم طلبوا دليل التوحيد بعد آية التوحيد ، ويخاطب الدليل العقل ، ويتوجه إلى العقلاء ، فإن هذا الكون المعجز ، لا بد له من خالق بان صانع ، وأن كل ما خلقه وبناه وصنعه لهو الدليل على وحدانيته وقدرته ، ولذلك كان الحديث : «ويل لمن قرأ هذه الآية فمجّ بها» ، أى لم يتفكّر فيها ويعقلها ويعتبرها. وفى القرآن كلما جاء «انظروا» أو «أفلا تنظرون» ، أو «أولم ينظروا» ، فاعلم أن الخطاب إلى العقلاء ، والنظر دعوة للتعقّل والتفكّر والتدبّر. فهذه إذن هى مكانة العقل فى القرآن ، ومكانة الدعوة إلى التعقّل. ولله الحمد والمنّة.
* * *
١٢٤٩ ـ العورة
عورة الرجل : ما بين السرّة والركبتين ، وليست السرّة والركبتان من العورة. وعورة المرأة : المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين ، ولذا يجيء فى القرآن : «إن بيوتنا عورة» ، يقصد بالبيوت من بها من النساء ، وفى آية الاستئذان لذلك : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ) (النور). والمرأة وإذا صلّت خمّرت رأسها. ويجب ستر العورة عند الاغتسال ، وأن تستر عورة الميت ، ويباح لكل من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه ولمسه ، ولكل رجل أن ينظر إلى