بأرض مصر كما سبق ، وذلك أن كثيرا من كتب التفسير تكتب أنه من أرض الشام ، وهذه الشجرة هى شجرة الزيتون وتميز أرض وجبال سيناء. وفى سورة الطور يقسم الله تعالى بجبل موسى هذا فيقول (وَالطُّورِ) (١) ، كما يقسم بالتين والزيتون كآيتين تميزان طور سيناء ، ويسميه أيضا طور سينين ، يقول : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ) (٢) (التين). والقسم بالجبال كالقسم بالبلاد والنجوم والكواكب من مناهج القرآن ، ويتكرر الجبل والجبال فى القرآن تسع وثلاثون مرة ، تعظيما وتشريفا لها ، وحضّا على توقيرها ، وتعبّدا لخالقها ومبدعها سبحانه.
* * *
١٢٤٥ ـ الطيرة والزّجر وأثارة العلم والأزلام
فى القرآن : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الأعراف ١٣١). والتطيّر : هو التشاؤم ، والأصل يطيّروا ، من الطّيرة وزجر الطّير ، ومن كثرة استعمال المصطلح صار عاما فاستعير للتشاؤم ، وكانت العرب تتيمن بالسّانح : وهو الذى يأتى من جهة اليمين ، وتتشاءم بالبارح : وهو الذى يأتى من جهة اليسار. ويتطيّرون أيضا بصوت الغراب ويتأوّلونه إنذارا بالبيّن والفراق. وكانوا يستدلون بمجاوبات الطيور بعضها بعضا ، وبأصواتها فى غير أوقاتها. وكان العربى يقول : من لى بالسانح بعد البارح ، يعنى يتمنى الفأل الطيب بعد الفأل السيئ. وفى التّطيّر قال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «أقرّوا الطير على وكناتها» يعنى دعوها فى أعشاشها ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يأتون بالطيور من الأعشاش ثم ينفرونها لكى تطير ، فإما ناحية اليمين ، وإما ناحية اليسار. واليمين هو السانح ، واليسار هو البارح. ونهى النبىّ صلىاللهعليهوسلم عن التّطيّر وقال : «الطّيرة شرك» ، وقال : «من رجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك». وقوله تعالى : (طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) (الأعراف ١٣١) أى ما قدّر لهم وعليهم.
والفأل : هو الاستدلال بما يسمع من الكلام على ما نريد من الأمر إذا كان حسنا ، فإذا سمعنا مكروها فهو تطيّر. ومن ذلك أيضا «الاستقسام بالأزلام» ، كقوله تعالى : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ) (المائدة ٣) ، وهو قداح الميسر ، واحدها زلم والجمع زلم ، وعددها ثلاثة ، على أحدها يكتبون افعل ، وعلى الثانى لا تفعل ، والثالث مهمل لا شىء عليه ، فإذا أراد أحدهم فعل شىء ، أدخل يده إلى جراب فيه القداح ، فيأتمر بأمر ما يخرجه منها. و «استقسام الرزق» استدعاؤه. وهناك غير هذه «قداح النوازل» وهى سبعة ، و «قداح الحظوظ» وهى سبعة أيضا ، وكانوا يضربون بها مقامرة ، لهوا ولعبا. و «الاستقسام» هو طلب القسمة والنصيب. ومثل ذلك «السهام على الطرقات» والفأل أو التطيّر بها ، ومنها «رقاع الفأل».