النفّاثات ، والتعوّذ من شرّهن يعنى من نواياهن الخبيثة وليس أن نفثهن فى العقد يفلح فى تغيير المصائر والأحوال ، وإلا فلما ذا لا نسمع فى عصر العلم بالسحرة والسحر؟ فافهم يا أخى المسلم ، ويا أختى المسلمة.
* * *
١٢٣٨ ـ الشفاعة
يأتى عن الشفاعة فى القرآن ثلاثون مرة ، والشفاعة فى الدنيا نوعان : حسنة وسيئة ، وحكمهما قوله تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) (النساء ٨٥). والشفاعة فى اللغة : سؤال فعل الخير ، وسؤال ترك الضرر عن الغير ، على سبيل التضرّع. وفى الآخرة لا شفاعة إلا لله : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) (الزمر ٤٢) ، ولا شفيع من دونه : (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) (الأنعام ٥١) ، ولا شفاعة أصلا إلا من بعد إذنه تعالى : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) (يونس ٣) ، وفى السنّة : أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم من هؤلاء المأذون لهم بالشفاعة ، يسألها ربّه لأمته فيقول له : «يا محمد ، ارفع رأسك وقل يسمع ، واشفع تشفع». والشفاعة فى الدنيا تقتضى حاكما مستبدا لا حاكما عادلا ، لأنها تقتضى منه أن يتخلى عن العدل من أجل الشفيع ، وأن يفسخ ما كان يتوجب عليه أن يتوجه إليه عزمه. والحاكم المستبد هو الذى يقبل أن يحكم بخلاف ما يعلم أنه الصواب والحق ، والشفاعة بهذا المعنى ظلم ومحال على الله ، لأنه تعالى يستحيل أن يغيّر إرادته ، ولا أن يحوّل عدله. وإرادته تعالى بحسب علمه الأزلى لا تغيير فيها ولا تبديل. وعلى ذلك فما ورد فى الشفاعة من الأحاديث هو من المتشابه ، والمسلمون فى هذه الأحاديث على التفويض فيما لا يعلمون ، وينزّهون الله عن الشفاعة على شاكلة ما يرونه منها فى الدنيا. وكان ابن تيمية يرى فى أحاديث الشفاعة أن ما ذكر فيها عن شفاعة الرسول ، أن الشفاعة المقصودة هى دعاؤه للمسلمين ، ولا تعنى أن المولى سيرجع بشفاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم أو شفاعة الملائكة والمؤمنين ، عن إرادته من أجل الشافع أو الشافعين. وما ورد فى القرآن عن يوم الحساب قاطع حاسم بشأن الشفاعة ، ومن هذا اليوم تنقطع الأسباب ، وتبطل منفعة الأنساب : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (المؤمنون ١٠١) ، ولا يدفع فيه بالفداء ، ولا بشفاعة الشافعين ، وتضمحل الوسائل ، إلا ما كان من إخلاص العمل قبل حلول الأجل.
وفى الشفاعة قال الإمام محمد عبده : إن الشفاعات فى إفساد الحكومات والدول والشعوب أشد فتكا من الذئاب الضارية بالغنم. وفى الحكومات التى تروج فيها الشفاعات يعتمد الناس على الشفاعة فى ظل ما يطلبون ، لا على الحق والعدل ، فتضيع فيها الحقوق ،