قائمة الکتاب
إعدادات
موسوعة القرآن العظيم [ ج ٢ ]
موسوعة القرآن العظيم [ ج ٢ ]
تحمیل
سحره ليس كالشعوذة. والقرآن مع القول بأن السحر : هو فن التأثير على الناس بالقول وخفة اليد ، وليس بالواقع كقوله تعالى : (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) (يونس ٧٧). وقيل : لو لم يكن السحر واقعا لما قال : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) (البقرة ١٠٢) ، ولما وصف سحر سحرة فرعون فقال : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) (الأعراف ١١٦) ، ولما نزلت سورة الفلق التى كان سبب نزولها سحر لبيد بن الأعصم ، ولما قالت عائشة : «سحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يهودى من يهود زريق يقال له لبيد بن الأعصم» ، والحديث لم يقل إن سحر لبيد أثّر على الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولم تكن سورة الفلق إلا تعويذة بدلا من تعاويذ الجاهلية ، وليس معنى الاستعاذة بالله من السحرة أن فعلهم يقع ، فلو آمنا بذلك لكان هذا هو الشّرك الخفى ، لأننا نجعل لله شركاء يفعلون فى الناس ما يريدون وكأنهم آلهة؟! ومن الأكاذيب أن يقال أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم سحر ، فلو كان سحر فكيف نأتمنه على الرسالة؟ وكيف يأمنه ربّه عليها؟ ومن يقل ذلك ينتقص من النبىّ صلىاللهعليهوسلم ومن الإسلام كديانة. ورواية عائشة عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله شفانى» لم يقل بها سواها ، ولم يشهد على صحتها أحد ، ولا يوجد ما يثبت أن عائشة قالت ذلك عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم. والحديث لا يثبت أنه صلىاللهعليهوسلم كان ضحية السحر ، وقوله المزعوم «إن الله شفانى» إنما لأنه تعالى الشافى دائما ، والمعافى دوما ، وهو يشفى من كل علّة ، والسحر ليس مرضا حتى يشفى منه ، وإنما السحر تغيير فى حالة الشخص ، والتغيير لا هو نفسى ولا عضوى ، فلا هو مرض نفسى ولا مرض عضوى ، فكيف يفهم أن شفاءه كان من السحر مع أن السحر ليس بمرض أصلا؟!
والسحر بخلاف المعجزة ، وآيات موسى من إنزال الجراد والقمل والضفادع إلخ معجزات وليست سحرا ، والسحر يوهم به الساحر ، ولكن المعجزة لا يوهم بها ولا يأتيها إلا الله ، وشرطها : دعوى النبىّ والتحدّي بها.
والسحر من استخراج الشياطين ، وفى القرآن نص الله تعالى أن ما يعلمه الملائكة لا سحر فيه ، وإنما السحر يعلّمه الشياطين ، كقوله : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) (البقرة ١٠٢) ، فنفى أن يكون الملائكة يعلّمون السحر ، بل يعلمه هاروت وماروت بدلا من الشياطين ، فالسحر من استخراجهم ، يوهمون به الناس ، وأكثر ما يتعاطاه النساء وخاصة فى أحوال طمثهن ، وفى ذلك يقول تعالى : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) (الفلق ٤) ، فجعل النفث صناعة السحر عند النساء ، وأعطى هؤلاء اسم