وأفضل هؤلاء الخلفاء الأربعة ، ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة ، ثم البدريون ، ثم أصحاب أحد ، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية. وأولهم : إسلاما : أبو بكر : من الرجال ؛ وعلىّ : من الصبيان ؛ ومن الموالى : زيد بن حارثة ؛ ومن النساء : خديجة ، سبقت إلى الإسلام. وكان إسلام الزبير بعد أبى بكر ، وكان الرابع أو الخامس فى الإسلام. والزبير أسلم وعمره ثمانى سنين ، وعلىّ أسلم ابن سبع أو عشر سنين ، والسبق فى الإسلام يكون بثلاثة أشياء : الصفة وهو الإيمان ، والزمان ، والمكان ، وأفضل هذه الوجوه سبق الصفات ، والدليل عليه قوله صلىاللهعليهوسلم فى الصحيح : «نحن الآخرون الأولون ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهذا يومهم ـ يقصد يوم الجمعة ـ الذى اختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فاليهود غدا (السبت) ، والنصارى بعد غد (الأحد)» ، فأخبر صلىاللهعليهوسلم أن من سبقنا من الأمم بالزمان ، سبقناهم بالإيمان : وهو الامتثال لأمر الله تعالى ، والانقياد إليه ، والاستسلام لأمره ، والرضا بتكليفه ، والاحتمال لوظائفه ، لا نعترض عليه ، ولا نختار معه ، ولا نبدّل بالرأى شريعته كما فعل أهل الكتاب.
* * *
١٢٣٦ ـ السابقون السابقون
يصنّف القرآن الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف ، يقول تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) (الواقعة) ، فأما أصحاب الميمنة فهم الذين يؤخذ بهم ناحية اليمين إلى الجنة ؛ وأما أصحاب المشأمة فهم الذين يؤخذ بهم إلى ناحية الشمال إلى النار ؛ وأما السابقون : فهم الذين يسبقون إلى الإيمان من كل أمة ، تكررت فى الآية تأكيدا واستحسانا وترغيبا وإكراما ، فهم سبقوا أولا إلى الإيمان وطاعة الله ، وسبقوا ثانيا إلى رحمة الله ، وهم فى أمة الإسلام الذين سبقوا إلى الهجرة ، وهؤلاء هم السابقون الأولون : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (التوبة ١٠٠) ، وهم على الصحيح المؤمنون بعامة ، والذين يعملون الصالحات : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (المؤمنون ٦١) ، قال لهم ربّهم : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (الحديد ٢١) فسبقوا ، فقرّبهم منه ، وأخبر عنهم أنهم ثلة ـ أى كثرة ـ من الأمم المتقدمة ، وقليل من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) (الواقعة) ، وصفوا بأنهم قلّة بالإضافة إلى من كان قبلهم ، لأنه فى السالف كثر الأنبياء فكثر السابقون إلى الإيمان ، فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. وفى الحديث عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم يخاطب أمته : «إنى لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، بل ثلث أهل الجنة ، بل نصف أهل الجنة ، وتقاسمونها فى النصف الثانى».
* * *