١٢٣٤ ـ السابقون
السابقون : من قولنا سبقه أى تقدّمه وخلّفه ، ومن المثل : سبق السيف العذل ؛ والسابق الذى يأخذ السبق ، والجمع سابقون وسبّاق ، وفى القرآن : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (٦١) (المؤمنون) ، أى مسرعون. سبقت لهم من الله السعادة فسارعوا فى الخيرات والصالحات. وكل من تقدّم فى شىء فهو سابق إليه. والسبق إلى الخيرات هو الإسراع إليها واستعجال إتيانها ، وقوله «يسارعون» على معنى يسابقون غيرهم. وفى قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (فاطر ٣٢) : أن المصطفين للكتاب ثلاث فئات ، وهم الذين يعرض عليهم ما فيه ، فمن هؤلاء «الظالم لنفسه» يجهل ويظلم نفسه ، ويأتى الذنوب الصغيرة فلا يدرك أنها ذنوب لجهله ؛ والمقتصد : وهو المؤمن العاصى ؛ والسابق : وهو التقىّ على الإطلاق. ويبين معنى السابق مقارنة بمعنى الظالم لنفسه والمقتصد : فالظالم لنفسه : قوّال غير فعّال ؛ والمقتصد : فعّال وليس قوّالا ؛ والسابق : قوّال وفعّال. والظالم لنفسه : يعبد الله على عادة وغفلة ؛ والمقتصد : يعبده على رغبة ورهبة ؛ والسابق : يعبده على الهيبة. والظالم لنفسه : يعطى فيمنع ؛ والمقتصد يعطى فيبذل ؛ والسابق : يمنع ومع ذلك يشكر ويؤثر. والظالم لنفسه : يستغنى بماله ، والمقتصد : يستغنى بدينه ؛ والسابق : يستغنى بربّه. والظالم لنفسه : يتلو القرآن ولا يعمل به ؛ والمقتصد : يتلو القرآن ويعمل به ؛ والسابق : يقرأ القرآن وهو عالم فيه ويعمل به. والظالم لنفسه : يدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة ؛ والمقتصد : يدخله وقد أذّن ؛ والسابق : يدخله قبل التأذين. والظالم لنفسه : يغفل عن الصلاة حتى يفوت الوقت والجماعة ؛ والمقتصد : لا يفرّط فى الوقت وإن فاتته الجماعة ؛ والسابق : يدرك الوقت والجماعة فيدرك الفضيلتين. والظالم لنفسه : يحبّ نفسه ؛ والمقتصد : يحبّ دينه ؛ والسابق : يحبّ ربّه. والظالم لنفسه : ينتصف ولا ينصف ؛ والمقتصد : ينتصف وينصف ؛ والسابق : ينصف ولا ينتصف. وقالت عائشة : الظالم لنفسه : من لم يسلم إلا بالسيف ؛ والمقتصد : من أسلم بعد الهجرة ؛ والسابق : الذى أسلم قبل الهجرة.
* * *
١٢٣٥ ـ السابقون الأولون
فى الآية : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (التوبة ١٠٠) ، أن «السابقين الأولين» : هم السابقون إلى الهجرة ، صلّوا إلى القبلتين ، وشهدوا بيعة الرضوان ـ وهى بيعة الحديبية ، وهم أهل بدر. وكل من هاجر قبل تحويل القبلة فهو من المهاجرين الأولين :