هى عبقرية هذه اللغة العربية فلا تضاهيها أبدا لغة أخرى! ولذلك كان القرآن بها ، وكان كتابا ضمن صفاته الأخرى ، أن له أسلوبه الفصيح ، ويحفل بوجوه البيان ، وبالمصطلحات والأسماء ، بما ليس فى لغة من اللغات.
* * *
١٢٣٢ ـ الحور العين
هن زوجات المؤمنين فى الجنة : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٥٤) (الدخان) ، والحور : هن النساء البيض ، جمع حوراء : وهى البيضاء صافية البياض كالمرآة ، من دقة الجلد وبضاضة البشرة ، كقوله : (وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) (٢٣) (الواقعة) ، أى اللؤلؤ الذى لم تمسّه يد ، ولم يدنّسه قذر ، فحتّى التراب لم يلحقه منه شىء ، فهو أشد ما يكون صفاء وتلألؤا. والحور العين إذن : هن النساء الثاقبات البياض بحسن ؛ وسميت الحور حورا لأنهن يحار الطّرف فى حسنهن وبياضهن وصفاء لونهن ، أو لحور عيونهن ، والحور : شدّة بياض العين مع شدّة سواد الحدقة ؛ والمرأة الحوراء هى البيّنة الحور. والعين بالكسر جمع عيناء ، وهى الواسعة العظيمة العينين ، ويقال للنساء أنهن حور عين لأنهن يشبهن الظباء. وحسن الحور العين ليس الحسن المادى وحده ، ولكنه الحسن المعنوى أيضا ، كقوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) (٧٢) (الرحمن) ، أى أنهم فضليات لا يشتهين أن يطالعهن الرجال ، فهن فى «الخيام» ، يعنى مستورات الملابس أو مستورات البيوت ، ولسن بالطّوافات فى الطرق ، ويقصرن أنفسهن على أزواجهن فهن مقصورات ، من معنى قصرت الشيء إذا لم تجاوز به غيره ، وامرأة مقصورة فى البيت ، أو على زوجها ، أى لا تتركه. والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
١٢٣٣ ـ الزّور
الزور : هو الباطل والكذب ، وقيل : كل باطل زوّر وزخرف ، وأعظمه الشّرك وتعظيم الأنداد لله تعالى ، كقول النصارى : عيسى ابن الله ، وقول اليهود : نحن أحباب الله وأصفياؤه. وكان الزور فى الجاهلية يسمى نفس الاسم ، والمعنى فى الآية : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (الفرقان ٧٢) من الشهادة لا من المشاهدة. وفى قوله : (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (٣٠) (الحج ٣٠) فقد ورد فى الحديث : «عدلت شهادة الزور الشرك بالله» ، وعدّها الرسول صلىاللهعليهوسلم «من أكبر الكبائر» ، وكان عمر يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ، ويسخّم وجهه ، ويحلق رأسه ، ويطاف به فى السوق. وعند أهل العلم لا تقبل لشاهد الزور شهادة أبدا ، فإن تاب وحسن عمله قبلت شهادته ، أى أعيدت له أهليته.
* * *