لأنس بن مالك : أرأيت قول الناس لكم : «الأنصار» ، اسم سمّاكم الله به ، أم كنتم تدعون به فى الجاهلية؟ قال : بل اسم سمّانا الله به فى القرآن. وكانت توبة الله تعالى على المهاجرين والأنصار لمّا تشككوا فى غزوة تبوك ، فقد كانت السنة مجدبة ، والحرّ شديدا حتى زاغت قلوب البعض الذين تشككوا ، وارتابوا للذى نالهم من المشقة والشدّة ، فهذه توبة الله عليهم من هذه الريبة وذلك الشك ، فلما تاب عليهم رزقهم الإنابة إلى ربّهم. وتوبته على نبيّه صلىاللهعليهوسلم فى إذنه للمنافقين فى التخلّف عن الجهاد ، وأما المتشككون فالشك فى الضمير والنية ولكنه ظهر فى حالتهم بأن همّوا بالانصراف ، وتوبته عليهم أن تدارك قلوبهم فلم تزغ ، فكذلك سنّة الله تعالى مع أصفيائه : إذا أشرفوا على العطب ، وقاربوا من التلف ، واستمكن اليأس من قلوبهم من النصر ، ووطّنوا أنفسهم على مذاقة البأس ، أمطر عليهم سحائب الجود ، فتشرق الشمس بعد مغيب ، ويرتوى الزرع بعد يبس ، وتدبّ الحياة فيما كاد يموت ، ويردّ الأنس بعد أن كان قد انمحى ، وتصير أحوالهم كما قال شاعرهم :
كنا كمن ألبس أكفانه |
|
وقرّب النعش من اللحد |
فجال ماء الرّوح فى وحشة |
|
وردّه الوصل إلى الورد |
تبارك الله سبحانه : وفى المصطلح القرآنى «أنصار الله» : (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) (آل عمران ٥٢ ، والصف ١٤) ، وفى الآية أن عيسى لما استشعر الكفر قال : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (آل عمران ٥٣) ، و «الأنصار إلى الله» هم الذين يناصرونه فى الطريق إلى الله ، أو مع الله ، أى فى الدعوة إلى الله ، ومن ذلك قول نبينا صلىاللهعليهوسلم : «من رجل يؤوينى حتّى أبلّغ كلام ربّى». و «الحواريون» مصطلح قرآنى آخر يعنى أيضا الأنصار ، ويختص به عيسى ، وهم تلاميذه ، من حار بمعنى مراجعة الكلام ومجاوبته ، وكان الحواريون أنصارا للمسيح ، ولكل نبىّ حواريون أى أنصار يؤمنون به ، ويدعون بدعوته ، وهم لذلك أنصار الله ، يساعدون النبىّ على التجرّد لحقّه ، والخلوص فى قصده.
وشاع مصطلح الأنصار فاستخدمه أتباع المهدى فى السودان ، وفى مصر أنصار السنّة المحمدية ، وفى أوروبا اقترح المسلمون على تيتو مصطلح الأنصارPartisans ، والمسلمون كشعب كانوا ضمن شعوب يوغوسلافيا ، وهم سكان البوسنة والهرسك وكوسوفا ، وهذا بعض فضل القرآن والسنّة على الناس.
* * *
١٢١١ ـ الأنعام وبهيمة الأنعام
فى قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) (المائدة ١) ، البهيمة : اسم لكل ذى أربع ، سميت بذلك لإبهامها من جهة نقص نطقها وفهمها ، وعدم تمييزها وتعقلها ، ومن ذلك قولنا باب