مبهم أى مغلق ، ودليل بهيم. والأنعام : هى الإبل والبقر والغنم ، سميت بذلك لأنها نعم ، وصفها الله تعالى فقال : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ) (النحل) ، وقال : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً) (الأنعام ١٤٢) ، والحمولة : هى التى تطيق أن يحمل عليها ، كالإبل والحمير والبغال ؛ والفرش ما يؤكل لحمه ويحلب كالغنم. وبالقرآن سورة كاملة باسم «الأنعام» هى السورة السادسة فى ترتيب المصحف. والأنعام المقصودة : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) (الأنعام ١٤٤) ، واثنان أى الذكر والأنثى ، فما انضاف إلى هذه من سائر الحيوان فيقال له أنعام بمجموعه معها ، ويخرج عن ذلك المفترس كالأسد ، وكل ذى ناب ؛ وبهيمة الأنعام : هى الراعى من ذوات الأربع ، وذوات الحوافر ليست منها ، لأنها وإن كانت راعية ، وغير مفترسة ، إلا أنه أفردها فقال : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) (النحل ٨). وقيل بهيمة الأنعام ما لم يكن صيدا ، لأن الصيد يسمى وحشا لا بهيمة.
* * *
١٢١٢ ـ الأوّابون
الأوّاب : هو التوّاب ، كلما ذكر ذنبه استغفر. وفى القرآن الأوّابون ثلاثة من الأنبياء : داود ، وسليمان ، وأيوب ، فقال تعالى فى داود : (إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص ١٧) ، وقال : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) (سبأ ١٠) ، (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) (ص ١٩) ؛ وقال فى سليمان (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص ٣٠) ؛ وقال فى أيوب : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص ٤٤). والأوّاب : من آب يئوب ، يقال له كذلك : إذا رجع ، وكان داود كلما تذكر ذنبا استغفر ، ونبينا صلىاللهعليهوسلم كان يفعل أكثر من ذلك ، قال : «إنى لأستغفر الله فى اليوم والليلة مائة مرة» أخرجه مسلم. وداود سبّحت الجبال معه والطير ، يعنى رجّعت تسبيحه ، وكان يرنّمه وينشده ويعزفه على المزمار ، فتطرب الطير وتزدحم عليه. وكان سليمان يدرك ذنبه مباشرة ويستغفر ويعاقب نفسه ، وامتدحه الله فقال «نعم العبد» ، ونعم لا تقال إلا للمبالغة فى المدح ، ولم يوصف بها نبىّ إلا اثنان : سليمان وأيوب ، فأما سليمان فكان سريع الأوبة ، ولذلك قال فيه الله تعالى : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (ص ٤٠) والزلفى القربة ، وحسن المآب هو حسن المرجع ؛ وأما أيوب فكان صابرا وذهب مثلا فى الصبر والاستغفار. والأوّابون : هم المتّقون تزلف لهم الجنة ، كقوله تعالى : (هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) (ق ٣٢) وهو