١٢١٠ ـ الأنصار : المصطلح ومضمونه
جمع ناصر ، كأصحاب وصاحب ، أو جمع نصير ، كأشراف وشريف ، واللام فيه للعهد أى أنصار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والمراد بالأنصار الأوس والخزرج ، وكانوا قبل ذلك يعرفون ببنى قيلة ، بقاف مفتوحة وياء تحتانية ساكنة ، وهى الأم التى تجمع القبيلتين ، فسمّاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم «الأنصار» ، وكان ذلك ليلة العقبة لمّا توافقوا مع النبىّ صلىاللهعليهوسلم عند عقبة منى فى الموسم ، فصار ذلك علما عليهم ، وأطلق أيضا على أولادهم وحلفائهم ومواليهم ، وخصّوا بهذه المنقبة لإيوائهم للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ومن معه ، والقيام بأمرهم ، ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم ، وإيثارهم على أنفسهم فى كثير من الأمور ، فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم ، والعداوة تجر البغضاء. وما اختصوا به أوجب لهم الحسد ، والحسد يجرّ البغضاء كذلك ، فاستوجب أن ينبّه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى ذلك وقال حديثه المشهور عن أنس : «آية الإيمان حبّ الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار» ، وحديثه عن البراء بن عازب : من أحبّ الأنصار فبحبى أحبّهم ، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم» ، وحديثه عن أبى سعيد : «لا يبغض الأنصار رجل مؤمن بالله واليوم الآخر» ، وحديثه عند أحمد : «حبّ الأنصار إيمان ، وبغضهم نفاق» ، فحذّر من بغضهم ، ورغّب فى حبّهم ، حتى جعل ذلك آية للإيمان والنفاق ، لما لهم من عظيم الفضل ، وكريم العقل.
وكانت بين الأنصار مع بعضهم البعض حروب ، لم تكن من جهة الإسلام ، ولكنها كانت لأمور طارئة اقتضت المخالفة ، فلم يكن ذلك بغضا من نوع البغض الذى قال به الرسول صلىاللهعليهوسلم الذى يستوجب النفاق ، وحالهم فى حال الخلافات التى كانت بينهم حال المجتهدين فى اختلافاتهم فى الأحكام ، فللمصيب منهم أجران ، وللمخطئ أجر واحد.
وفى المصطلح القرآنى فإن الأنصار تستدعى المهاجرين فى قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (التوبة ١٠٠) ، ثم فى قوله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (التوبة ١١٧) فنبّهت تلك الآيات إلى أن من المهاجرين ، ومن الأنصار ، سابقين وتابعين ، وكلاهما محسن قد رضى الله عنهم ورضوا عنه ، وهؤلاء السابقون من الأنصار هم أصحاب بيعة الرضوان عام الحديبية ، وهم الذين صلّوا إلى القبلتين مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم. والمهاجرون هو المصطلح المقابل للأنصار. وأهل السنّة على تبجيل هؤلاء وهؤلاء ، على عكس الشيعة الدائبين على سبّهم ، والمستمرين على بغضهم. والأنصار : اسم إسلامى خالص ، قيل